متجر حدودي “متجمد”

3

إن كنت من عابري الحدود السلوفينية الكرواتية بتواترٍ دائم لابد وأنك لاحظت التغير الذي طرأ على تلك المنطقة الفريدة؛ فعلى عكس طبيعة المكان الديناميكية التي تسيطر عليها الحركة الدائمة والمستمرة، يتألق متجر غروشكوفي الحدودي بجسده الثابت وكتلته الرصينة بتوقيع شركة Enota المعمارية.

يقع هذا المتجر في مساحة ضيقة بين طريقين في المنطقة الحدودية، وكلنا على علمٍ تام بما تتسم به البنى التحتية الخدمية الطرقية، ففي النهاية لا تنطبق هنا القواعد والقوانين الفراغية اليومية، وفي مثل هذه البيئة كل شيء يأتي بالمرتبة الثانية بعد الوظيفة، كما تخلو تماماً من أية رموز يمكن للمعماري الاستعانة بها لاستيحاء أو ابتكار تصميم فريد.

وعلى الرغم من أن العمارة الطرقية والطرق بشكلٍ عام قد لعبت على مدى عقودٍ طويلةٍ من الزمان دوراً هاماً في التخطيط الفراغي، لم يعد لها هذا الدور في أيامنا هذه، حيث يطغى عليها الآن الطابع الوظيفي، وتكاد تخلو من الحلول التقنية المميزة، وتنعدم فيها السمات الجمالية.

لذا إن كان على معماريي Enota تعزيز المساحة فعليهم أن يأتوا بمبنى يكون بارزاً في المنطقة عبر هويته الخاصة والواضحة.

والنتيجة هي كما ترونها أعزائي القراء؛ إنه مبنى بمخططٍ بسيطٍ للغاية، فعدا عن مدخل الزوار والمدخل الخدمي، لا يحتاج هذا المرفق لأية اتصالٍ مع العالم الخارجي على الإطلاق، لدرجةٍ قد تبدو مزعجةً حسب رأي البعض.

وفي غياب أية رموز يستقي منها المعماريون تصميمهم، ما كان منهم إلا أن وجدوا ضالتهم في الحركة المرورية؛ فالحركة الدائمة هي أكثر ما يميز المنطقة الحدودية التي لا تحمل أية هوية واضحة خاصة بها.

لذا جاء المبنى ليعاكس هذه الحالة بهيئته الثابتة في محاولةٍ للاندماج مع البيئة الديناميكية التي يتربع فيها. وفي التفاصيل تم تصميم المبنى من طابقين وبكتلةٍ طولانية يقع فيها مدخل الزوار في إحدى الجوانب الضيقة، ويقابله من الجهة الأخرى المدخل الخدمي ومدخل طاقم العمل، أما عن شكل المدخلين فكلاهما يتمتع بشكل قمع مدفوعٍ قليلاً نحو الداخل؛ الأمر الذي يزود كتلة المبنى الأساسية بسقفٍ ناتئ تلفه الصفائح المعدنية، التي تمتد أيضاً لتلف الجانبين الطويلين من الكتلة.

وهكذا بالاستجابة لهذه البيئة الديناميكية تم تشويه كتلة المتجر الأساسية عن طريق استخدام تقنية تصميمية غاية في البساطة اقتضت لف المبنى بمجمله حول محوره الطولاني، لتكون النتيجة النهائية عبارة عن مظهر تعبيري للغاية خدم في تسهيل التوجيه الفراغي للمارة.

في النهاية لا يمكن لأي من المارة تجاهل مدخل الزوار الرئيس، حيث ينفتح بشكلٍ مفاجئ باتجاه الدخول داعياً الزبائن لاكتشاف خفايا المتجر، في حين يختبئ وينغلق جزئياً المدخل الخدمي في كتلةٍ تبدو وكأنها “تجمدت” فجأةً أثناء حركتها…

إقرأ ايضًا