تعريفٌ جديد لمساحة المنزل

2

لقد نجح مشروع Nearpoint السكني في الولايات المتحدة الأمريكية بخلق استجابة مكانية متسلسلة وطبيعة الأراضي المتغيرة لسلسلةٍ من التلال، حيث يتسع الحيز المكاني للمنزل بشكلٍ طولاني، كلما تحرك المرء باتجاه هذه التلال طامعاً بمشهد بانورامي يطل على الأراضي الطبيعية المجاورة، ولكن في المقابل قام معماريو Workshop بتخفيض توزيع الموقع وتدخل الأراضي المحيطة وذلك من خلال إقحام المبنى في المشهد الحي من النباتات، إلى جانب تدعيم مناطق المعيشة الأساسية بواسطة مساحة القبو المدمجة.

من جهةٍ أخرى فقد تم اعتماد استراتيجية ذكية لتخصيص المساحات الاجتماعية من المنزل بالتركيز على تفاعل الأراضي الطبيعية والعلاقات البيئية والأداء العالي في استخدام الطاقة، حيث نرى المساحات الجماعية والتي تتميز بمعدل إشغال سكاني طويل الأمد ومستقر نسبياً، تربطها مساحات طبيعية كبيرة، في حين نلاحظ بأن المساحات الفردية ذات المعدل السكاني المتقطع تقع بالقرب من نقاط الاتصال الطبيعية، وأخيراً فإن المساحات الليلية تصحبها مساحات طبيعية محدودة.

وبذلك تكون الاستراتيجية وصلت إلى غايتها، ألا وهي تجاوز التعريف المكاني التقليدي للمنزل سامحةً للمناطق البيئية عالية الأداء بالسيطرة على علاقة مساحات المعيشة المجاورة مع بعضها البعض، من جهةٍ أخرى فقد سمحت الكسوة الخارجية بتهيئة الظروف البيئية المناسبة للداخل، حيث تم إكساء الجهة الجنوبية بألواحٍ ضوئية مع الحفاظ على درجة الانحدار المثلى، بهدف الاستفادة من أشعة الشمس ما أمكن في أمور التبريد وتسخين المياه خلال فصل الشتاء.

بينما تم ابتكار نظام تدفئة إشعاعي تحت الأرضيات الإسمنتية المعالجة حرارياً، مع التأكيد على التهوية الطبيعية والتي من شأنها تعديل حرارة البيئة على مدار السنة، أما بالحديث عن المواد المستخدمة لضمان الأداء العالي، فقد تم استخدام الكسوة المعدنية لتطويق جدران المبنى الخارجية والسقف، وتتميز هذه الكسوة بمتانتها وصمودها في وجه الحرائق والتي تخدم كهيكلٍ ثانوي لتدعيم المبنى.

أما وفي داخل هذا الهيكل فقد تم استخدام أخشاب التنوب والأرز لحماية الأسطح من الاحتكاك البشري، حيث نراها إما باللون الأبيض أو الأسود شبه الشفاف، كما وتعتبر هذه الأخشاب الملساء إحدى مواد البناء المجردة الأساسية، ولكن المعبرة في نفس الوقت، وأخيراً وليس آخراً يأتي الخيزران بالإضافة إلى الفولاذ المطلي بالأسود ليدعم القالب البيئي لمشروع Nearpoint.

ما زلنا في نفس السياق، فقد تم ابتكار أبواب كبيرة قابلة للسحب للسماح بربط أو عزل كل مساحات المنزل المختلفة مع أو عن بعضها البعض، حيث يعتبر المنزل برمته قابلاً للتحويل بفعل الأبواب التي تقف بين مساحاته، وبذلك فإنها -أي المساحات- تتطلب أداءً حرارياً أقل مما يجب.

وبالعودة إلى استراتيجيات فريق العمل خلال فصل الشتاء، نلاحظ وجود جدار معدني رمادي برفقة أخشاب بيضاء في الخارج، إذ تم تشييد هذا الجدار لدرء الثلوج في أيام الشتاء الطويلة، فضلاً عن المواد الخشبية الغنية التي تغطي الأسطح الداخلية، والتي تحدثنا عنها سابقاً، فقد استطاعت هذه الأسطح الاستفادة من أشعة الشمس، ونصل بهذا إلى تنظيم المنزل، الذي استهدف بمجمله قضية التغيرات المناخية التي تطغى طقس الشمال، بالإضافة إلى التغيرات اليومية في حياة العائلة، حيث تم ربط المنصة الجنوبية ومساحة المعيشة الغربية إلى جانب المنصة المغطاة المجاورة، من خلال المساحات النهارية الشتوية، على التوالي مع المساحات الليلية الصيفية.

أخيراً فقد فسح تصميم المنزل المجال أمام المساحات الجماعية بالارتقاء دون غيرها بهدف خلق مساحةٍ بارزة إلى الجنوب، والتي تقوم بتأمين أشعة الشمس لمساحة المعيشة الرئيسية، فضلاً عن الإطلالة الساحرة على التلال المحلية، تماماً إلى الأعلى من Near Point، كما وقد ساهم السطح المنحدر بتأمين التعرض الامثل لأشعة الشمس وتخزينها، بواسطة الألواح الشمسية التي تعمل على تسخين المياه أيام الشتاء.

وقبل الختام يحظى سكان Near Point بخلوةٍ من نوعٍ خاص في غرفة tatami بوحيٍ من أجواء العصور الوسطى، وتظهر هذه المساحة قريبةً من الأراضي الطبيعية المحيطة، الأمر الذي يعد ضرورةً ملحة في بلاد الشمال، حيث تعد مساحةٌ من الخصوصية والهدوء حدثاً لا بد منه في زحمة المساحات الاجتماعية في المنزل.

إقرأ ايضًا