دار السلام تفتح صفحة “معمارية” جديدة

8

احتفظت دار السلام، وهي المدينة البحرية والعاصمة التنزانية بآثار الاستعمار والعبودية القديمة، وظهر ذلك جلياً في عمارتها وأروقتها المظللة وأعمدتها المتراصفة، والتي استطاعت أن تفرض وجودها بشكلٍ يومي وأثرت الشيء الكثير في بناء الرأي العام، ولكن هذا الاتجاه بدأ بالتلاشي على مدى نصف القرن الماضي بسبب ظهور نمطٍ عالمي عام، وفي ظل النزعة السائدة لتوفير الأمن في المباني، وبتحول دار السلام إلى مركزٍ مالي، تم تعطيل النسيج العمراني القائم بفعل الأشكال الأحادية والعمارة الوحشية.

واليوم وفي وسط الامتداد العمراني ذي الارتفاعات المنخفضة في المدينة البحرية، يبرز مبنى Exim وعلى ارتفاع 15 طابقاً بوصفه “برجاً”، حيث أراد معماريو SPASM الحيلولة دون الوقوع في فخ التبذير المعماري والبقاء ما أمكن على شاطىء الأمان، من ناحيةٍ اقتصادية، وكانت النتيجة هذا البرج المكتبي المتواضع من ناحية الارتفاع، ولكن الغني بتفاصيلٍ معمارية أثرت المشروع وجعلته على ارتباطٍ وثيق مع موقعه وبالطبع مع وظيفته.

حيث نلاحظ بأن برج Exim ينحرف باتجاه شبكة المدينة بالإضافة إلى المباني المحيطة، الأمر الذي يفسح المجال أمام تشكيل العديد من نقاط الوصول والخروج، كما وقد ساهمت الكسوة الغرانيتية الخضراء على قاعدة البرج، بإضفاء حضورٍ شفاف وغير انعكاسي على مستوى الشارع، جنباً إلى جنب مع خزان مياه للحرائق وشلالٍ بطول 20 م، الأمر الذي من شأنه خلق مناخٍ مصغر ومريحٍ جداً.

أما خدمات المبنى فقد تم إقحامها في أربع كتلٍ هيكلية، والتي تدعم بدورها الأرضيات بشكلٍ عشوائي، بينما تسهم المقاطع الرقيقة من البرج باختراق الحد الأقصى من الضوء، مما يلغي الحاجة للإضاءة الاصطناعية خلال ساعات العمل.

وقد تم تظليل النوافذ الزجاجية من البرج بشبكةٍ من الفولاذ المقاوم للصدأ، والتي تقوم بترشيح الطاقة الشمسية، وتخفف من ضوضاء الشوارع المحيطة، وتضفي على البرج أخيراً هيئةً متعرجة عديمة الوزن، كما ويمتد كل طابقٍ في الاتجاهين المعاكسين على طول الجهة الأطول، بهدف إنشاء تراسات مظللة من شأنها الكشف عن تجربةٍ فريدة من المكوث في الهواء الطلق بعد عناء يومٍ طويل، وعلى كامل ارتفاع المبنى.

أخيراً فإن هذه العناصر، والتي توفر المساحات الواعية لاحتياجات البشر، استطاعت التعبير عن نفسها في شكلٍ أنيقٍ يمتد أفقياً على البرج، وعلى أمل أن يحقق برج Exim القيمة المرجوة منه، نبارك للشعب التنزاني بصفحته المعمارية الجديدة ونأمل له بزيادة الإنتاج ورفد دار السلام وباقي المدن التنزانية برموزٍ محلية أخرى.

إقرأ ايضًا