المجمع السكني الذي أفصح عنه ميدفيدف في 2009

4

تميل المقاربات الحديثة في تصميم المباني السكنية لخلق إحساسٍ بالانعزال، حيث يكون للمرء شقته وحديقته الصغيرة الخاصة وحيث الجيران هم أشبه بمنافسين لبعضهم البعض.

واليوم في منطقة سكولكوفو السكنية في روسيا، والتي جاءت بتوقيع فريق آرش غروب المعماري الروسي، تم تصميم الشقق والمنازل كمساكن مؤقتة لنخبة علمية، حيث البيوت أشبه ببيئات متعددة الطبقات.

سيتم بناء هذا المجتمع قرب قرية سكولكوفو قرب العاصمة موسكو، وقد تم الإفصاح عنه في الثاني عشر من نوفمبر 2009 من قِبل الرئيس الروسي شخصياً ديمتري ميدفيدف.

حيث تقع المجموعات السكنية ضمن محيطٍ بيئي فريد من نوعه بحلٍّ معماري لن يؤمن مساكن مريحة للقاطنين وحسب، وإنما سيشكّل بيئةً إبداعية تشجع الناس على التواصل وتبادل التجارب والخبرات وتقديم المساعدة في مجال العمليات الخلاقة.

*الشقق:

تتخلل ممرات المشاة المنطقة الممتدة من الشمال نحو الجنوب، وقد أُطلق عليها اسم “الممرات الخضراء”، حيث تربط هذه الممرات المجموعة السكنية بالمنتزه، وتمتد بمحاذاتها المباني السكنية، في الوقت الذي تغطي ساحة مركزية طريق المرور حاميةً المنازل من الضجة الغبار، وهذا ما يشكّل بالإجمال مشهداً أخضراً طويلاً.

فقد أراد المعماريون منذ البداية تجنّب الحصول على مشروع تطوير عمرانيٍّ كثيف، وهذا ما دفعهم لتشكيل مبانيهم على هيئة مشاهد طبيعية وتلال خضراء بينها الكثير من الهواء والمساحة.

حيث تم تحويل سفوح التلال إلى تراسات خضراء، كي تتحول المباني نفسها إلى جزءٍ من المساحة الطبيعية الاستجمامية، حيث تم توجيه الواجهات والنوافذ نسبياً نحو الغابة.

كما تم ربط المنازل بممرات المشاة عند المستوى الثاني بين الردهات، وهذا ما يحوّل المشروع إلى مساحةٍ تواصلية مفردة، حيث تقع الوظائف العامة في الطابق الأرضي من المنازل، بينما تقع مناطق الخدمات الفنية ومصفات السيارات تحت الأرض، في الوقت الذي تنتشر فيه مضامير الجري وقيادة الدراجات الهوائية حول أرجاء المنطقة.

ليس هذا وحسب؛ إذ تتوزع أعشاش الطيور الاصطناعية على أسقف المنازل، مشجعةً بذلك على تنمية البيئة وإعطاء المشروع جواً خاصاً، إذ تزدان تراسات وأسقف المنازل جميعها بالأشجار والأعشاب.

*البيوت:

مثلما أشرنا آنفاً تقع منطقة المشروع ضمن منتزه حيث يربط شارعٌ رئيس “الجزيرة” بمناطق أخرى مشابهة، وهذا ما يمكّن من اعتبار كل مجموعة سكنية مركزاً للطاقة… أو مجموعةٌ عمرانية.

وتشابه مبادئ تنظيم المنطقة أسلوب مدن العصور الوسطى في أوروبا والشرق الأوسط، حيث تشكّلت بيئات عمرانية معقدة ثلاثية الأبعاد على مدى قرونٍ من الزمن وحيث كل منزلٍ يمتلك هويته الخاصة وتاريخه الخاص.

هنا ارتأى معماريو آرش غروب تصميم بيئة متعددة الطبقات بروابط بين المنازل المفردة والتراسات، حيث تم ابتكار نظام من الطرق الصورية والتراسات الخضراء حيث كل منزلٍ من المنازل مختلف تماماً عن الآخر بعددٍ من الحلول التخطيطية والتراسات والمداخل المتنوعة.

لكن هذه المقاربة لا تحول العمل إلى مشروع سكن اجتماعي نموذجي، ولكن إلى منازل مؤقتة لأشخاص حيويين وخلاقين.

فضمن المساحة المحددة تنتشر ساحات صغيرة مزينة بالأشجار إلى جانب نوافير مائية أو ملاعب للأطفال، وهذا ما سيعطي كل جزء من المجمع هويةً فردية وسيساعد على توزيع الحركة الداخلية بشكلٍ ملائم.

كما يرتبط كل منزلٍ من المنازل بممرات مشاة على المستويين الثالث والخامس، في الوقت الذي تتفرع فيه من الطريق الرئيس شبكة من الممرات الداخلية، حيث تشكل الشوارع والأزقة الكثيرة ساحات ومداخل خاصة.

وعلى قمة كافة الوحدات السكنية، أي في الطابق الخامس، يتم تنظيم شبكة من طرق المشاة، ويمكن الوصول إلى هذا المنتزه إن أمكننا القول، عبر المصاعد الواقعة في كل مجموعةٍ من الوحدات السكنية.

الجدير بالذكر ختاماً أن الوحدات السكنية العلوية أصغر حجماً من تلك السفلية، وهذا ما يسمح بتنظيم عزل ممتاز لكافة الشقق، يكلل كل ذلك أعشاش الطيور الموجودة على الأسقف تساهم بدورها في التخلص من الحشرات خلال فترة الصيف!

إقرأ ايضًا