متحف الفنون في جامعة ميامي بتوقيع SOM

10

على الرغم من أنها مجرد ثلاث أحرفٍ بسيطة، قامت هذه المجموعة بالكثير في عالم تصميم المنشآت الأكاديمية والمؤسساتية، إنها شركة SOM المعمارية الأمريكية، أو سكدمور أوينغز آند ميريل، التي رنّ اسمها كثيراً مؤخراً في عالمنا العربي عن تصميمها لبرج خليفة أعلى برج في العالم، ولكنها ومنذ زمنٍ طويل أسست صروحٍ معمارية لم تخل من الإبداع والابتكار وتفرّدت بسجلٍ كبيرٍ من نقاط العلام التي ميّزت العديد من المدن والعواصم العالمية.

وبتطرقنا اليوم إلى إحدى تحفها الفنية القديمة، سنستعرض تصميمها لمتحف الفنون في جامعة ميامي في أكسفورد بولاية أوهايو الأمريكية، إذ كانت نية SOM ومنذ البداية تصميم مرفقٍ أكاديمي يصبح في الوقت نفسه مكاناً عاماً متاحاً للاختبار.

وبوقوعه في حرم جامعة ميامي، يعزز متحف الفنون هذا من تأثير الجامعات الثقافي في المنطقة المحيطة، من خلال تحويل الجامعة إلى مركزٍ فنيٍّ وثقافيٍّ في أكسفورد.

تم إكمال متحف الفنون في عام 1979، بعد أن قام المعماري والتر نيتش وفريقه من شركة SOM بتصميمه كتحفةٍ فنية تظهر وكأنها منبثقة من السهول المرتفعة والمناظر الطبيعية المحيطة المليئة بالغابات.

وكجزءٍ من متطلبات الجامعة كان على هذا المتحف أن يحتضن في تصميمه الفريد كافة أنواع الفنون، ليس فقط في مساحةٍ مرنةٍ قادرة على التكيف مع التغيرات الدائمة لصالة العرض، وإنما في مكانٍ قادرٍ أيضاً على استضافة كافة أنواع الفنون في الوقت عينه دون أن تطغى إحدى الأعمال الفنية أو المساحات على الأخرى.

بناءً عليه، قرر نيتش وفريقه أن يصمموا متحفاً مؤلفاً من سلسلةٍ من الكتل المتدفقة واحدةً تلو الأخرى بكل انسيابية ودون أي فاصلٍ فراغي.

ولكن هذا لم يكن العائق الوحيد الذي استطاع فريق العمل تخطيه؛ إذ أصرّت الجامعة علاوةً على الخطة المفتوحة، على أن تكون المناظر الطبيعية الخلابة جزءاً متكاملاً من التصميم، بحيث لا تؤثر جغرافياً على المبنى، ولكن تحاذيه كسياقٍ مجاور. وهكذا كانت النتيجة أن تم تصميم بناء من طابق واحد يقوم على كتلةٍ مفتوحة لا تقطعها أية حواجز حقيقية واضحة، وذلك كي تتكامل كل مساحات صالات العرض والتخزين ومناطق الأبحاث مع بعضها البعض في نظامٍ تنظيميٍّ واحد.

لذا تجسد التصميم في كتلٍ مائلة على شكل شبه منحرف مختلفة عن بعضها البعض بالأحجام وفقاً لوظيفتها وعلاقتها مع المدخل والمدرج، حيث هنا من السهل على الناظر أن يلاحظ ازدياد حجم الكتل المتتابعة المجاورة للجدار المركزي متوسط الارتفاع نحو صالة العرض الرئيسة المطلة على الجوار.

وبما أن المبنى لا يحتضن أية حواجز داخلية ثابتة وواضحة، يتمكن الزوار من إيجاد طريقهم عبر المساحات والجدار المركزي متوسط الارتفاع، الذي يربط كل عناصر المتحف الأساسية.

أما عن الخاصية الوحيدة في المبنى التي تبقى ثابتة ولكن تغير الأجواء الداخلية، فهي صفوف النوافذ العلوية في الجهة الشمالية، التي تطغى على صالات العرض الثلاثة الكبرى، حيث تبرز من الأسقف المستوية مزودةً المساحات بالكثير من ضوء الشمس الطبيعي دون أن تعرض الأعمال الفنية للأشعة المباشرة، أما عن الأسقف المنحدرة فقد تم تدعيمها من الداخل بواسطة دعائم خشبية مطلية باللون الأبيض، يكون من شأنها أن تدعم تجهيزات الإضاءة الداخلية المتحركة.

أخيراً، وعلى الرغم من كون المتحف جزءاً من كلية الفنون في الجامعة وافتتاحه فقط للطلاب، فإن المدرج ومركز الإعلام الموجودين في المتحف أيضاً متاحان لكافة أعضاء وأفراد المجتمع في المنطقة المجاورة. وهكذا تظهر هذه الخدمة المزدوجة للأكاديميين وأفراد المجتمع في مقاربة تصميم المبنى، حيث تهيّئ البركة العاكسة الانتقال إلى الأجزاء الأكثر شفافيةً في المشروع، ألا وهي مركز الإعلام، وهناك يمكن للطلاب وأفراد المجتمع التجمع والتلاقي والتفاعل مع بعضهم البعض في واحدةٍ من أهم المرافق التعليمية والثقافية في الولايات المتحدة الأمريكية.

إقرأ ايضًا