يوبيل فضي لعمارة إسلامية في دولة غربية

6

مع احتفال معهد العالم العربي في باريس بيوبيله الفضي ومرور ما يقارب الخمسة وعشرين عاماً على تأسيسه، يستحق منا هذا الصرح أن نتناول تفاصيله المعمارية التي جاءت بتوقيع العظيم جان نوفيل على إثر فوزه بالتعاون مع شركة Architecture-Studio للتصميم الداخلي.

فعدا عن كونه المعهد الوحيد في العالم المكرس كلياً لنشر المعرفة بالعالم العربي وثقافته، يتميز هذا المعهد بعمارة إسلامية قل نظيرها في دول الغرب.

يرتفع مبنى معهد العالم العربي على ضفة نهر السين مطلاً على كاتدرائية نوتردام ووسط المدينة التاريخي للعاصمة الفرنسية، حيث توازي واجهة المبنى المقوسة في انحنائها تقوس النهر في محاولة ناجحة من نوفيل التخفيف من وطأة شكل المبنى المستطيل.

أما على الجانب الآخر فتأخذ الواجهة شكلاً مستطيلاُ تاماً دون أي انحراف، وتبدو للناظر وكأنها شاشة زرقاء بتصاميم هندسية متحركة، ويتضمن التصميم المعقد لهذه الواجهة فتحات تتحرك بمحركات تتحكم بها خلايا شمسية، وتعمل كأنها ستائر تتحكم بكمية الضوء التي تدخل المبنى حسب حالة الطقس اليومية في كل فصل من الفصول.

حيث تعمل هذه الفتحات الهندسية تماماً وكأنها فتحات آلات التصوير الأوتوماتيكية التي تغلق حينما يكون الضوء جيداً وتفتح حين يكون الضوء خافتاً في الأيام الغائمة، وهكذا يكشف تصميم المبنى عما يمكن تسميته بمرشحات الضوء؛ وهو أمر لطالما وظفته العمارة الإسلامية بما طورته من تقنيات التحكم بالجو.

بالنسبة للتصميم الداخلي للمبنى فهو غريب من نوعه أيضاً، وذلك لأن الكتلة الداخلية بما فيها الأنابيب وأجهزة التكييف مكشوفة ومرئية دوماً، كما أن كتلة الأدراج مفتوحة أيضاً وتشكل حاشية مزركشة جميلة للكتل الأخرى، والنتيجة صورة رائعة لهواة التصوير بالأسود والأبيض.

لم يكتف نوفيل بمحاكاة العمارة الإسلامية، بل قام بتلبية أذواق عشاق المطبخ العربي عبر تنفيذ مطعم في الطابق الأرضي من المعهد يقدم مجموعة من الأطباق العربية المعروفة، كما ويمكن للزوار من مختلف أنحاء العالم الوصول إلى سطح المبنى باستخدام معبر للمشاة يمر عبر البوابة بين جزئي المبنى، ولا ننصح هنا ضعاف القلوب باستخدام ممر المشاة هذا لأن الأرضية زجاجية شفافة، لكن هذا السطح المنبسط للمبنى يوفر للناظرين إطلالة ساحرة على كاتدرائية نوتردام وجانب كبير من الوسط الباريسي.

مقابل المبنى وعلى الجانب الآخر من الساحة الواسعة، هناك متجر كبير لبيع حاجيات من مختلف الدول العربية، مما يثبت نجاح نوفيل بتطويع عناصر العمارة الإسلامية؛ فمن تعديل للضوء إلى تعزيز الشعور بالمساحة وغيرها من العناصر الإسلامية البحتة كالمشربية التي تم تحويلها إلى تصاميم معاصرة، استطاع المعهد برمّته أن يبث آثاراً إيجابية على العمارة في الشرق الأوسط.

يُذكر أن جاك نوفيل قد حصل بعيد الانتهاء من تصميم المعهد في عام 1987 على جائزة Equirre d’Argent للعمارة الفرنسية، وتلاه حصوله على جائزة آغا خان للعمارة عام 1989.

إقرأ ايضًا