حل أزمة إسكان “الأموات” في هونغ كونغ

5

لكونها واحدة من أكثر المدن ازدحاماً في العالم، لا تواجه هونغ كونغ مشاكل بشأن إسكان مواطنيها الأحياء وحسب، ولكنها مجبرةٌ أيضاً على الاهتمام بجدية بمشكلة طرائق توفير المساحة لحل أزمة مواطنيها الأموات. ولهذا تعتقد شركة Barrie Ho Architects للعمارة أنها ربما تمتلك الحل في مدفنٍ واسعٍ يمتد على مساحة 64,000 متر مربع من المساحة الطبيعية على جزيرة لانتاو ويقدم 300,000 محراباً.

ولأنها ماتزال مستغرقةً بالكامل في الثقافة المحلية، استفادت شركة BHA من تقنيات Tulou التقليدية، مقدمَّة تفاعلاً فراغياً حماسياً بين الشكل الدائري لحلقةٍ خارجيةٍ من المَحارب والشكل المربع لمدفنٍ فنائيٍّ ذي طرازٍ منزليٍّ في المساحات الداخلية.

إذ تمثل الصيغة المطوِّقة طريقة “السماء الدائرية والأرض المربعة” في العمارة الصينية. وضمن هذه المدافن الداخلية، تقدم بِركات الماء العاكسة المتجهة للداخل لحظاتٍ من الاسترخاء الهادئ للزوار، بينما تضيف المساحات المفتوحة على الهواء الطلق جواً مهدئاً وتسمح بالتهوية المعتمدة على الرياح لدفع الهواء الخارجي البارد إلى المبنى عبر منفذ ودفع الهواء الدافئ خارجه، هذه المسألة الهامة جداً في كتلةٍ ستستضيف الكثير من الطقوس الدينية والقرابين مع الشموع والأوراق المشتعلة وما إلى كذلك.

أما العنصر الأهم في هذا التصميم فهو علاقة المبنى مع بيئته الطبيعية المحيطة, حيث أرادت شركة BHA أن تقدم حَرَماً لأولئك الوافدين لزيارة أحبائهم بعيداً عن الضجيج الصاخب لحياة المدينة الداخلية.

وبينما يتم إنشاء الكثير من المحارب العامة بأسلوبٍ عموديٍّ في المناطق العمرانية بهدف تأمين وصولٍ سهلٍ وأسعار أراضي أقل، يكسر مدفن Grand Columbarium (المدفن الكبير) هذه القاعدة، مبتعداً عن الشكل التقليدي ليقدِّم مكان رقودٍ بديل.

كما يقترح مشروع الشركة أن يتشكل طريق الوصول الرئيسي من خلال قاربٍ يصل إلى رصيف ميناء، حيث سيجد الزوار سوقاً كبيراً لبيع التجهيزات الدينية. ومن أجل ضمان الوصول الأضمن لجميع الناس مهما كانت مقدراتهم الحركية، يتضمن التصميم الشامل عدداً من العربات التي تنتظر في رصيف الميناء لنقل المسنين أو أولئك الذين يعانون من مقدرة حركية ضعيفة إلى أي مكانٍ يرغبون بالانتقال إليه.

إلى ما وراء هذا السوق، توجد ساحة Square Piazza المكتملة مع مباني المرافق والإدارة. وبالنظر إليه من الأعلى، يأخذ المدفن شكل ساعةٍ شمسيةٍ، ليزيد من ارتباط الكتلة مع جوهر الطبيعية, هذه السمة التي تعبر عنها الشركة بالكلمات التالية: “نابضةٌ بإيقاعات الفصول الأربعة”.

علاوةً على هذا، اقترحت BHA نسخةً مخفَّضةً نوعاً ما من هذا المشروع الطموح، حيث تقع على جانب تل بدلاً من الأرض المستوية. وتدمج النماذج الأولية لهذه الفكرة الثانوية بين عناصر تصميمٍ منحنٍ وحاد الحواف، كما تحافظ على المبادئ الأساسية للخطة الأصلية مثل مباني المرافق والإدارة، وتعزز طريقة “العودة إلى الطبيعة”.

على أية حال، هناك الآن تسعة فناءاتٍ منفصلةٍ (9 هو العدد الأقصى في علم الحساب الصيني) مرتبطةً بواسطة منتزه تذكاري (Memorial Promenade) مركزي، بالاعتماد على نظام النقل بالعربات من بلدة تونغ تشونغ الواقعة على الساحل الغربي الشمالي من جزيرة لانتاو وبلدة Mui Wo الواقعة على الساحل الشرقي من الجزيرة .

بالنظر إلى جميع هذه الحقائق، يبدو أن عدداً من الطرائق البديلة لدفن الموتى بسلام قد بدأت بالظهور في هذه المرحلة من الزمن، وخصوصاً بفضل شركاتٍ مثل Miró Rivera للعمارة المتطلعة إلى الأمام والتي اندرج اسمها على قائمة المرشحين في القطاع المدني لجوائز WAN الشهر الماضي، مع تصميمها الجريء لمقبرةٍ كبرى في البحر الميت.

في الواقع، من المطمئن جداً أن نرى المعماريين حول العالم يبحثون عن طرائق لائقة وفعالة للتعامل مع القدر المحتوم، وخصوصاً مع استمرار التعداد السكاني العالمي في التصاعد يوماً بعد يوم.

إقرأ ايضًا