مبنى مكتبي هولندي بأفضل تقنيات الاستدامة!

11

نفذت شركة Paul de Ruiter مشروع مبنى Rijkswaterstaat المكتبي الجديد (RWS) في مدينة Middelburg الهولندية، تحت إشراف المهندس المعماري الهولندي Paul de Ruiter.

ويضم هذا المبنى العديد من المكاتب ومركزاً للاجتماعات الطارئة وسجلات الولاية ومركز كمبيوتر مكفول 100%، كونه يستطيع التحكم بجميع بوابات السدود في مقاطعة Zeeland، بما فيها مشاغل Delta.

هذا وقد تمت الاستفادة من مناهج المباني المُستدامة والمواد الطبيعية وتقنية توفير الطاقة في هذا المشروع، كما تم استغلال المصادر الطبيعية المُتاحة، من مياهٍ وشمسٍ وتربةٍ إلى أقصى حدّ داخل وحول المكاتب.

وبما أن أحد متطلبات صاحب الشركة قد كانت الحصول على تصميمٍ يسمح بالاستخدام المرن، عمل تصميم Paul de Ruiter على تحقيق هذا الطلب بطريقتين اثنتين.

أولاً: ووفقاً لما يتطلبه البناء المرن في كل من الناحيتين الهيكلية ومن ناحية علاقته بأنظمة الفائدة من خصائص، تم تقسيم المبنى بعدة طرقٍ مختلفةٍ إلى وحداتٍ كبيرةٍ للأجار. وثانياً: تم من خلال التصميم إتاحة استخدام 450 موظف في الشركة، مع الحرص على قضائهم وقتاً طويلاً في العمل في نفس المجال، وذلك من خلال أماكن عملهم الخاصة بواسطة محطات عملهم المرنة.

والأهم من هذا كله، يؤدي تصميم مبنى RWS المكتبي دوراً تفاعلياً هاماً في الداخل والخارج، كونه يعبِّر عن حقيقة كون شركة Rijkswaterstaat ليست مجرد مؤسسةٍ لا يمكن بلوغها، ذات علاقة بالحكومة التكنوقراطية حيث تُتَّخذ القرارات بسريّةٍ تامةٍ، وإنما هي شركةٌ منفتحةٌ ومنظمَّةٌ ذات هيكلٍ واضحٍ ومفتوح.

وعلاوةً على ذلك، يتم تحفيز التواصل بين الموظفين في المبنى نفسه، بفضل الحواجز الزجاجية بين الممرات ومساحات المكاتب ومحطات العمل المرنة والأروقة العريضة المزوَّدة بمناطق جلوس وزوايا لشرب القهوة ونقاط التقاء –كلها تؤمِّن العديد من الفرص للتواصل والتبادل.

ومن الواضح أن التصميم مكيَّف بشكلٍ قويٍ مع حاجات الناس الذين يعملون في المبنى، فعلى سبيل المثال، إنه يقع في أبعد مكانٍ ممكنٍ عن الطريق العام المزدحم والصاخب، ويستفيد إلى أبعد حدٍ من الموقع ومن حقيقة إحاطته بالطبيعة وقربُهِ من المركز القديم لمدينة Middelburg، خالقاً بذلك أماكن عمل عالية الجودة تتمتع جميعها بإطلالاتٍ خلابة.

أما عن أنظمة التدفئة والتبريد والتهوية والخصائص السمعية وحاجبات الشمس، فقد تم تصميمها بطريقةٍ تجعلها تساهم في بعث الراحة والصحة لأولئك الأشخاص العاملين في المبنى. كما أن دمج الاسمنت الفعال داخل التصميم يعني أنه ليس هنالك حاجة للأسقف المنخفضة، ولهذا تمتلك المساحات المكتبية ارتفاعاً محبباً على ثلاثة أمتار. إلا أن هذه الجدران المرتفعة لن تسبِّبَ صدى في الأجواء ، وذلك لأنه قد تم تلبيسها بصفائح مطوَّرة خصيصاً لامتصاص الصوت.

كما أدَّت رغبة العميل الواضحة بالحصول على مبنى شفاف، إلى استخدام كمياتٍ كبيرةٍ من الزجاج، حيث يتألف 50% من الواجهة الأمامية الجنوبية من الزجاج، بينما تمَّت كسوة الواجهة الأمامية الشمالية بنسبة 100% بالزجاج.

هذا ولا تمتلك الواجهات الأمامية الزجاجية خاصية جمالية وحسب، وإنما تسمح أيضاً بدخول الكثير من ضوء النهار والتمتُّع بمنظرٍ رائعٍ. ومن خلال دمج النوافذ المروحية الإضافية الموجودة فوق النوافذ على الجهة الشمسية المقابلة للقناة، أصبح بإمكان ضوء النهار أن يدخل من زاويةٍ مرتفعةٍ لينتشر بعمقٍ في قلب المبنى، من خلال انعكاس الشرائح والأسقف البيضاء.

بالإضافة إلى هذا، تعدُّ الشرائح العمودية على جانب القناة صفةً محدِّدةً للمبنى، حيث أنها لا تستطيع فقط أن تضمن بقاء حرارة الشمس خارج المبنى، وإنما تحسين توزيع ضوء النهار في الداخل إلى أقصى درجةٍ ممكنةٍ، مما يقلل الحاجة إلى الاعتماد على الضوء الصناعي.

هذا وقد تم استخدام التقنيات الموجودة بطريقةٍ مبتكرةٍ لخلق مبنىً ذو استهلاكٍ قليلٍ للطاقة، دون الحاجة إلى التضحية بخاصية الجدوى الاقتصادية أو بخاصيتها المعمارية. كما أن استخدام الاسمنت الفعال مع مزيجٍ من المخزون الأرضي من البرودة والدفء، يخلق جواً مريحاً للعمل ويؤدي إلى توفير الطاقة بنسبة تتراواح بين 40% و50%، بالمقارنة مع طرق التبريد والتسخين التقليدية.

كما يعمل الاسمنت الفعال على ضبط حرارة المبنى بطريقةٍ مبتكرةٍ وموفرةٍ للطاقة أيضاً، حيث أن أنابيب المياه الباردة تتناسب مع الأرضيات الاسمنتية في الطوابق العليا، والتي هي أسقف الطوابق الواقعة تحتها، وهي كلها تعمل معاً على تنشيط الكتلة الاسمنتية. فعندما يُسَخَّن المكتب، تمتص الأرضية/السقف كميةً كبيرةً من الحرارة، بينما تُطلِق البرودة في نفس الوقت. هذا و تسمح الأسطح الفعالة بانخفاض معدل التهوية بشكلٍ كبير.

أما في فصل الشتاء، فيتم تخزين البرودة في مخزن البرودة والحرارة الواقع تحت مستوى الأرض بحوالي 65 متر، ليتم استخدامها في الصيف لتبريد الأرضيات/الأسقف. كما يتم تخزين الحرارة المنقولة بعيداً في فصل الصيف داخل مخزنٍ منفصلٍ تحت الأرض، لتعيد المضخات الحرارية الحرارة إلى المبنى في الشتاء، مما يجعل هذا النظام قادراً على ضمان حرارةٍ لطيفةٍ في أماكن العمل على مدار فصول السنة، دون الحاجة إلى هدر المزيد من الطاقة.

وهكذا نجد أن أحدث ما قد توصل إليه العلم قد تم تطبيقه والاستفادة منه في هذا المشروع إلى أقصى حدٍ ممكنٍ.

إقرأ ايضًا