منزل بالحدود الدنيا من التصميم

1

تعتمد رحلة الوصول إلى منزل ميلبروك من تصميم Thomas Phifer في نيويورك على الارتقاء بهدوء، مع التركيز على اختبار وإعادة اختبار الأرض. فعلى هذا الموقع الممتد على 200 فدان، تستقر عمارةٌ من العناصر الهندسية المنفصلة ضمن مساحةٍ طبيعيةٍ عظيمةٍ تصمم الطريق، متوسِّطةً سلسلةً منبسطةً من العتبات والمناظر.

وعلى طريق وصولٍ متسلق، وعبر الغابة إلى مرآبٍ صغيرٍ مفروشٍ بالحصى تتحول الطريق إلى ممر مشاةٍ يرتفع على امتداد سلسلة تلال. ففي الجوهر، يعيد الارتقاء إلى الذاكرة الطريق المتعرج ظاهرياً -مع أنه منسَّقٌ بمهارة- إلى معبدٍ إغريقيٍّ قديم، مدخِلاً الزوار في مساحةٍ طبيعيةٍ تحمل المزيد من القداسة أكثر من المبنى نفسه.

وفي ميلبروك تكون اللمحة الأولى للصيغة المبنية الممتدة على مساحة 6,600 قدم مربع عبارة عن صندوقٍ بارزٍ من الفولاذ المقاوم للعوامل الجوية، في منزل الضيوف المحلق فوق حافةٍ من مرآب السيارات.

في حين تشكل الألواح الفولاذية المطلية بالأحمر الغامق جداراً استنادياً ممتداً من أسفل الاستديو مباشرة إلى أعلى التل، ومرتفعاً بالإيقاع المنتظم نفسه الذي يظهر في الأسطح المعدنية إلى جانب الدرجات الحجرية الزرقاء المركبة في قلب المنحدر على شكل حجارةٍ متدرجةٍ على بركةٍ من الماء.

عندها يتم الوصول إلى قمة التل مباشرةً عند الجرف العشبي الناتئ بجوار جناحٍ زجاجي مستطيلٍ على امتداد جانبٍ واحد، بينما يحده من الحافة المقابلة سلسلةٌ من أربع كتلٍ منخفضةٍ من الخشب الصلب، نقيةٌ ومركزّة في تكرارها الهندسي كمنحوتةٍ تعتمد في تصميمها الحدود الدنيا والبساطة.

يؤطر هذا التنظيم حول الفسحة مقطوعة الشجر في الغابة مناظر طويلةً شاملةً لوادي هدسن، فتذكّر بالإشارات الملفتة للنظر من جامعة جيفرسن في فيرجينيا ومعهد سالك من تصميم العظيم لويس كان. ويستقر الجناح الزجاجي بخفة وشفافية حتى أن أرضيته تبدو وكأنها تتدفق دون انقطاعٍ من بساط المرجة المحيطة. وحالما يتم عبور العتبة إلى مساحة غرفة المعيشة والطعام والمطبخ، تنفتح مناظر شاملة بطريقة رائعةٍ وفي جميع الاتجاهات.

تتناقض هذه الكتلة الواضحة مع الأحجار العمودية المفردة المكسوة بالخشب والتي لا تمتلك نوافذ مطلة على الطريق، فضلاً عن أن كسوتها غير الشفافة المصنوعة من الخشب الصلب تعكس المظاهر الترابية الغنية للفولاذ المقاوم للعوامل الجوية.

على الرغم من أنه مستقل ظاهرياً، إلا أن الجناح وأجزاؤه الخشبية المتممة تتصل جميعاً في الداخل، وتحديداً أسفل الحد العشبي. بينما يشكل كل صندوق من الخشب الصلب المغمور جزيئاً في المنطقة المنحدرة حُجرةً خاصةً للنوم والاستحمام، يمكن الدخول إليه من على مستوى واحد أسفل الجناح الزجاجي.

من جهةٍ أخرى، تمتلك هذه الحجرات عالية الأسقف علاقةً حميمةً مع المساحة الطبيعية وكأنها تنبثق من الأرض. وفي مقابل عمود قمة التل الممتدة بصرياً، تنفتح فقط باتجاه الشرق إلى شمس النهار، وكلٌّ منها إلى حديقة الخيزران والمروج الخضراء الخاصة به في الخلف.

الأهم من هذا أن إدراك الناظر للمنزل والموقع يتطور باستمرار، ولكن ليس أثناء عبور قطعة الأرض، وإنما أيضاً أثناء التنقل عبر المساحات الداخلية، أي من المساحة الاجتماعية الكبرى إلى النطاقات الخاصة الأكثر هدوءاً.

أما في الخارج، فتصل التجربة إلى ذروتها أثناء التوجه نحو قمة التل والعبور عبر المرجة العالية. ولكن فقط عند الدخول إلى الجناح الزجاجي، تصل الرحلة إلى ذروتها، من المساحة المطوقة المنفتحة على اتساع المساحة الطبيعية.

وهكذا تتحول مسألة الخروج من المنزل والعودة إليه يومياً إلى متعةٍ كبيرةٍ لقاطنيه المحظوظين به وذلك طبعاً بفضل تصميمه الذي يمكن إدراجه تحت خانة التصميم بالحدود الدنيا لبساطته وأناقته.

إقرأ ايضًا