جدرانٌ عشوائية توحد أجزاء إحدى منازل إندونيسيا

2

تبدو لمسات المعماري يوكا سارا واضحة على تصميم منزل Kayu Aga، الذي يملكه رجل الأعمال الإيطالي ألبيرتو أغازي بالقرب من شاطئ كانغو في إندونيسيا، حيث يتألف هذا المنزل من سقيفة للسيارات وثلاث أجنحة متعامدة تقع في زوايا الموقع الأربعة، أما في الوسط فيتميز المنزل بوجود جناحٍ من طابقين يضم مرافق المعيشة والطعام الرئيسة، كما ويضم هذا الجناح المركزي أيضاً استوديو مرتفع في الطابق الأول وحديقة خضراء.

ولكن وجود حديقة لم يقتصر على هذا الجناح فقط، وإنما تحظى كافة أجنحة المنامة بحديقةٍ خاصة وتراس وحمام خارجي، ويمكننا القول بأن توزيع الأنشطة العائلية على أجنحة مختلفة على هذا النحو، قد جاء بوحيٍ من المجمعات التقليدية في جزيرة بالي الإندونيسية، ولكن على نقيض تلك المجمعات التقليدية نلاحظ ترتيباً عشوائياً للجدران المنحنية المتعرجة، التي تعمل على توحيد مختلف العناصر ولكن في نفس الوقت الفصل ما بين الأنشطة.

ولمعرفة الغرض من هذه الجدارن لابد من مطالعة المناظير الأولية التي خطها يوكا سارا نفسه، حيث توفر هذه المناظير نظرة ثاقبة على مفهوم عملية التصميم، لنجد بأن الموقع ينقسم إلى أربع طبقات من الغرب إلى الشرق، وكأنها شبكة من أنصاف الأقطار، فالطبقة الأولى على سبيل المثال، تشكل حاجزاً مادياً لعزل المنزل عن الضوضاء الصادرة عن الطريق الذي يمتد على طول الحدود الغربية.

ويتخذ هذا الحاجز شكل جدارٍ عال يخفي وراءه وظائف المنزل في الركن الشمالي الشرقي من الموقع، أما الطبقة الثانية فهي عبارة عن “الحديقة الغربية” التي تقوم بفصل الجناح الرئيس في وسط المنزل عن مصدر الضوضاء، في حين تمثل الطبقة الثالثة الكتلة الطولانية للجناح المركزي، الذي يضم بدوره الاستوديو المرتفع -الذي تحدثنا عنه في البداية- والحديقة الخضراء، وأخيراً تخدم “الحديقة الشرقية” كطبقة نهائية بين الجناح المركزي وحوض السباحة.

من جهةٍ أخرى أضاف “سارا” على هامش المناظير الأولية بعض الملاحظات، والتي جاءت على نقيض الفكرة القائلة بأن الطبقات تؤدي إلى العشوائية، والدليل وجود هذا التسلسل الهرمي المتميز، الذي استطاع تأمين الخصوصية اللازمة وتقسيم المناطق حسب الاستخدامات الرسمية.

حيث تتفرع هذه الجدران لتأطير المشاهد باتجاه الشرق وحقول الأرز فضلاً عن رؤية الشمس المشرقة في فجر كل يوم جديد، فتارةً تكون عبارة عن خطوطٍ رمادية وتارةً أخرى خضراء وتتكرر تلك الأخيرة على بوابة المدخل، وأخيراً، فقد فرضت هذه الخطوط نظاماً آخر من الحركة، فعلى سبيل المثال هناك طريق يقود الزوار من ساحة الوصول الواقعة في الزاوية الجنوبية الغربية باتجاه الشمال تحت العريشة، ومن ثم إلى الغرب من الجناح المركزي، حيث يوجد هنالك منعطفٌ حاد في الشرق يقوم بتسليط الضوء على الفناء الذي يتخلل غرف المعيشة وغرف الطعام، وأخيراً إلى الحديقة الشرقية.

وقد وصف سارا -على هامش ملاحظاته- هذه “الرحلة” بأنها عملية تجديد واكتشاف يتخذ فيها الضوء الطبيعي دوراً مؤثراً في تنظيم المساحات، من جهةٍ أخرى تم حجب بعض المشاهد مؤقتاً عن طريق حواجز من أشجار الخيزران لإثارة الفضول، أما طريق الوصول فيمتد إلى حوض السباحة بمساحة 25 متر وغيرها من مشاهد الحياة الريفية الهادئة، حيث حقول الأرز المتمايلة وكأنها أجراس… كلما هبت الريح الخفيفة.

وأخيراً نلاحظ بأن لغة منزل Kayu Aga المعمارية عصرية بكل معنى الكلمة، فقد استطاع “سارا” آخذاً بعين الاعتبار ظروف الموقع والمناخ، أن يخلق في نهاية المطاف منزلاً ذا أجواءٍ مختلفة لا تعد ولا تحصى، فماذا ياترى قد يرغب المرء بأكثر من ذلك؟

إقرأ ايضًا