دار أيتام أمستردام

133

قام المهندس المعماري الهولندي ألدو فان إيك قام ببناء دار أيتام أمستردام في عام 1960، وقد خدمت هذه الدار بغض النظر عن كونها داراً للأيتام بمثابة منصة لإيك ليطرح من خلالها أفكاره عن عمارة ما بعد الحرب، بوصفه عضواً في منظمة سيام، ثم عضواً مؤسساً في فريق 10.

حيث ينتقد إيك من خلال هذا المشروع؛ الذي يُصنف كأول مشروع بناء واسع النطاق من تصميمه الخاص، عمارة ما بعد الحرب كونها تفتقر إلى العنصر البشري، ويسعى في المقابل إلى الكشف عن رؤية عمرانية مختلفة عن تلك التي اعتاد أن يطرحها أسلافه في سيام.

ولمن يجهل ما هي سيام، هي منظمة معمارية تأسست بين 1928 و 1959 لتعزيز ومناقشة مبادئ العمارة الحديثة، أما فريق 10 فقد تم تشكيله كرد فعل داخل سيام حوالي عام 1953، وعندما بدأت هذه المنظمة بالانحلال، قام إيك ومجموعة صغيرة من المهندسين المعماريين الشباب بإنشاء منظمتهم المعمارية الخاصة، تحت اسم فريق 10 أو Team 10.

وقد كانت دار أيتام أمستردام على مشارف المدينة، إحدى أهم مشاريع هذا الفريق على طول مسيرته المهنية، حيث تستضيف هذه الدار الأطفال اليتامى من جميع الأعمار، وتضم فيما تضم غرف نوم ومطبخ وغرفة غسيل الملابس وصالة للألعاب الرياضية ومكتبة بالإضافة إلى المساحات الإدارية.

بدوره رأى إيك مشروع دار الأيتام هذا بمثابة حالة عمرانية مصغرة، ومن أبرز ما كتب في هذا السياق بأن المنزل يجب أن يكون مثل مدينة صغيرة ليكون منزلاً حقيقياً، أما المدينة فيجب أن تكون مثل منزل كبير لتكون مدينة حقيقية”، وذلك في مقال نُشر في 1962 بعنوان “خطوات نحو نظام تركيبي”.

وبالتالي كانت تصاميم إيك لدور الايتام تخدم على حد سواء بمثابة منازل للأطفال، فضلاً عن كونها مدن صغيرة، فقد قام بخلق عقدة عمرانية مركزية مع الكثير من نقاط التفاعل في إطار الخطة، وذلك على هامش اهتمامه في كسر الهرمية السائدة في تطوير المدن، فعندما تنظر إلى عمارة دار أيتام امستردام سوف تلاحظ تركيزاً كبيراً من قبله على كسر تلك الهرمية خلال تخطيط المساحات.

حيث قام بتشبيد المبنى من كتلتين مختلفتي الحجم؛ الكتلة الصغيرة للسكن، والكتلة الأكبر للمساحات الاجتماعية، وتتألف كل كتلة من هاتين الكتلتين من أربعة أعمدة تم توزيعها في زوايا مستديرة مع سقف مقبب مصنوع من الإسمنت المصبوب مسبقاً في القمة، كما وتم رصف الأرضية أيضا باستخدام الإسمنت، في حين تم إكساء الواجهات إما باستخدام الزجاج أو باستخدام القرميد البني الغامق.

أما في الداخل فقد قام بتنظيم المساحات وفق شبكة متعامدة، بحيث تبرز الوحدات على مسارين مستقيمين، وتحظى كل وحدة كنتيجة بواجهات خارجية متعددة، من خلال بروز هذه الوحدات داخل الشبكة، بات لكل وحدة مساحتها الخارجية الخاصة بها.

بغض النظر عن هذه المساحات الخارجية، قام إيك برفد الدار بفناء واسع بارز بشكل قطري عن المساحات السكنية والمدخل والمساحات الإدارية المرتبطة بدورها مع الشارع والفناء والمساحات السكنية، وبذلك نجح بإنشاء نقطة مركزية داخل الدار قادرة على ربط كافة المساحات معاً، في إشارة إلى نظرية المعماري نفسه حول أهمية المجتمع المتوازن، وغيرها من النظريات الإنسانية في نجاح المشاريع المعمارية.

إقرأ ايضًا