قيادة الشرطة الهولندية.. دفاعية وحميمية

10

أوكلت قيادة الشرطة العسكرية الملكية الهولندية؛ مهمة تجديد مبنى القيادة في أمستردام إلى فريق Wansleben، وذلك في محاولة لضخ حياة جديدة في الثكنة التابعة للبحرية في ميناء أمستردام، فضلاً عن الزاوية الشمالية الشرقية من الموقع، حيث تقع مكاتب المقاطعات التابعة للشرطة العسكرية الملكية الهولندية على مرمى حجر من مركز المدينة القديمة.

وقد كان لهذا الموقع الاستراتجي نتائج إيجابية على نجاح مهمة فريق Wansleben، حيث يعتبر هكذا موقع مثالي لهذا النوع من المباني. تسليط الضوء على الموقع كان أولوية بالنسبة للفريق، ويبدو ذلك جلياً بالنظر إلى كسوة المبنى، التي تبرز رصينةً للوهلة الأولى، في إشارة إلى طبيعة المبنى الدفاعية، فهو مبنى شرطة في النهاية.

حيث ستشعر، عند زيارة مبنى القيادة، بأنك في حضرة مبنى ضخم وكتيم تخترقه مجموعة كبيرة من النوافذ التي تبدو صغيرة ولكن عميقة في الوقت نفسه. ومع وجود هذا العدد الكبير من النوافذ، سوف تشعر بأن هنالك سجادة منسوجة تغطي جسد المبنى.

إذ تتألف الكسوة الخارجية للمبنى من سلسلة من الألواح؛ كل لوح مثقب بستة عشر نافذة، ليصل عدد النوافذ بالمجمل إلى 1750 نافذة تم تركيبها بدقة متناهية واحدة فوق الأخرى بجوار بعضها البعض؛ والنتيجة نمط رتيب من النوافذ مع وجود استثناءات قليلة.

فعلى الرغم من شكل المبنى الكتيم، حيث يبدو أقرب إلى قلعة، نجح فريق Wansleben بتقسيم الكسوة إلى عدة أقسام زجاجية صغيرة تشكل معاً الكسوة الكتيمة التي نراها في الصور، تطل، عدا عن الدرج، على الساحة الداخلية، التي تبدو ملونة وبالتالي أكثر حيوية.

ومن الملفت هنا، عدم وجود تباين صارخ ما بين ألوان الواجهة الداكنة وألوان مصاريع النوافذ المشرقة، حيث تقوم هذه الأخيرة، بالاشتراك مع الضوء القادم عبر النوافذ، بضخ تأثيرات ضوئية مثيرة بشكل متدرج، دونما أن يتعارض ذلك مع ألوان الواجهة، أو يؤثر على إمكانية رؤية ما يجري في الداخل أثناء النهار، فكتلة المبنى متجانسة على نحوٍ لا تسمح به بنفوذ أية من أسرار القيادة، إنها فقط محاولة لضخ الحياة في الليل.

وهكذا، في الوقت الذي تعكس فيه الواجهة أهمية استخدام المبنى وتنقل ذلك مباشرة إلى المدينة، والأهم من هذا وذاك تبتعد تماماً عن البهرجة، نلاحظ بأن المساحات الداخلية تبقى مشرقة وبعيدة كل البعد عن كونها مظلمة أو مخيفة، كما هي عادةً مباني الشرطة.

هذا التفاعل بين الواجهة الرصينة وغيرها من التعقيدات المكانية والتقنية التي تحجب المساحات الداخلية عن الرؤية، هو ما أعطى المبنى جاذبيته الخاصة، فلا يمكننا أن ننكر أهمية المصاريع الملونة بألوان الأزرق والأخضر والأصفر والأبيض، أو الساحة الداخلية المغمورة بالخضرة في ضخ أجواء ودية ومشرقة، وكنتيجة دحض الانطباع الأولي لدى رؤية المبنى.

وينطبق الأمر ذاته على التصميم الداخلي؛ من الأسطح اللماعة والألواح الخشبية إلى المصعد الزجاجي والدرج الحلزوني الأبيض، فليس هنالك ما يشير إلى وجود أي شيء يخفيه المبنى، على نقيض ما تشير إليه الواجهة.

إقرأ ايضًا