نظام إنشائي متين من الخشب الرقائقي فقط

77

بوجوده في نيوزيلندا المعروفة بكونها حاضنةً للفنون، جاء مبنى الفنون في معهد نيلسون مارلبورو للتكنولوجيا ليجسد هدفين متقاطعين: يتجلى الأول في ملاقاة متطلبات منطقة نيلسون الجغرافية والفلسفية بضرورة وجود بيئة تعليم فنون متطورة, أما الثاني فيكمن في تحقيق هدف حكومة نيوزيلندا بإنشاء معلمٍ من كتلةٍ خشبيةٍ تعرض كيفية استخدام الخشب الإنشائي ضمن عمارةٍ مميزة بتوقيع معماريي Irving Smith Jack.

وهكذا جاء المبنى ليؤدي وظيفتين أساسيتن, الأولى تمثيل مكان للتلاقي والتواصل الاجتماعي هدفه تعليم فنون, والثانية العمل كأداة تثقيفٍ لصناعة الإنشاء النيوزيلاندية فيما يخص استخدام الخشب الإنشائي بطريقةٍ إبداعية.

كما يعيد المبنى التواصل للعديد من الفنون المتنوعة مشجعاً بذلك على التعاون والنماء, إذ يربط ما بين مناطق تعليم الفنون والمراسم وأماكن تأدية العروض وورشات العمل بالمجمع بواسطة ردهةٍ ممتدةٍ على ثلاث طوابق لتكمل التقاطع الهام ضمن المجمع.

أما بتمرغه بضوء الشمس الشمالية وتمتعه بإطلالةٍ خلابةٍ أسفل بروزاتٍ عريضةٍ واقية، تشجع جميع مساحات توزيع الحركة والتجوال في هذا المركز على التواصل والتفاعل الاجتماعي الناتج عن عرض الفنون في كل مكان.

وبالنسبة لمساحات التعلم والمراسم فتتمكن من تجميع الضوء الجنوبي بلطفٍ دون الحاجة لوسائل ميكانيكية للسيطرة على أشعة الشمس، كما تكون هذه المساحات مرئية وواضحة للعيان من القاعة والمدينة على حدٍ سواء.

بإمكاننا القول أن تصميم المبنى بعناصره الخشبية الواضحة يجسد تماماً رؤية المركز القائمة على فكرة “عرض الفن عوضاً عن منعه”. حيث تم استخدام الخشب ككتلةٍ للمركز، وذلك بفضل مظهره الدافئ الذي سيجرد هذه البيئة التعليمية من طابعها المؤسساتي، إذ ستكون كل العناصر الخشبية مكشوفة لتعبر عن وظيفتها وتؤكد على إمكانية الخشب كعنصرٍ إنشائيٍّ وتصميميٍّ في نفس الوقت.

تستخدم كافة العناصر الإنشائية في المبنى الخشب الرقائقي LVL, ليكون بذلك أول نظامٍ هندسيٍّ في العالم مختص بتجنب أخطار وأضرار الزلازل يعتمد بالكامل على جدران قص خشبية لاحقة الشد, إذ تمكّن هذه الجدران من استخدام إطار جاذبية بسيط يعتمد نظام الكمرة والعمود. وهكذا يمكننا القول أن هذه الأعمال الخشبية على الرغم من تطويرها وتحديثها مازالت تعبّر عن الكتل الخشبية المحلية التقليدية مطورةً فكرة الحرفة الريفية المحلية.

هنا تجدر بنا الإشارة إلى أنه قد تم تصنيع وتركيب ونقل جميع العناصر الإنشائية المستخدمة في المشروع ضمن نطاق دائري من الموارد يبلغ نصف قطره ثمانين كيلو متراً, كما أن جميع الأخشاب المستخدمة في البناء محلية المنشأ, كان من شأنها العمل كأحواضٍ كربونية تساعد في سحب الكربون من الهواء, لتمثّل بذلك حجر الأساس في فلسفة التصميم البيئي الحساس.

علاوةً على ذلك تم اتباع مقاربات مستدامة وصديقة للبيئة فيما يخص الإضاءة والتظليل والتهوية الطبيعية، حيث تم استخدام تزجيج مزدوج عالي العزل وذي كتلة حرارية تساهم في تخفيض استهلاك الطاقة.

أخيراً نستنتج مما سبق أن هذا المبنى الخشبي المبتكر يزود المنطقة ببيئةٍ تعلمٍ ملهمة ومصدر اقتصادي للمجتمع إضافةً لكونه حلاً مستداماً ماهراً قادر على تقديم مرافق تعليمية متطورة.

إقرأ ايضًا