منتجع الجبال والاستدامة والفخامة

12

على الساحل الشرقي لجزيرة تسمانيا في أستراليا, يقع منتجع سافير الفخم مطلاً على خليج أويستر وسلسلة جبال هازاردس وعلى محمية فريسنييه الوطنية, محتضناً في أرجائه 20 جناح حميمي فخم من شأنها أن تجعله مقصداً مباشراً بحد ذاته يلبي ويستقبل مختلف الزوار من أستراليا وكافة أنحاء العالم.

أراد العميل أن يتفرد المنتجع الذي صممته شركة Circa المعمارية بشكله الأيقوني المميز المرتبط بالموقع الطبيعي، ليصبح علامة فاخرة وجديدة في عالم السياحة في البلاد، ولكن بتواجد المشروع ضمن موقعٍ طبيعيٍّ ساحلي كان لابد من إبعاد الموقع عن وظيفته السابقة المتمثلة في منتزه كارفان مهجور، ليأخذ المشروع على عاتقه عملية إصلاح الموقع وإعادة فهم لسماته وخصائصه الفريدة، إلى جانب خلق مساحة تمكّن الزوار من اختبار المكان بطريقةٍ مختلفة.

وهكذا جاء المنتجع متفرداً بعلاقته العضوية مع الموقع وتصميمه الموحي بالأشكال الساحلية, مع الأخذ بالحسبان أهمية تأدية الشكل للمتطلبات البرمجية التي يتضمنها موجز المشروع, حيث يمكن الدخول إلى مبنى المنتجع الرئيس من الخلف، لتنفتح أمام الزوار في الفراغ الداخلي الكبير مناظر بانورامية مطلة على سلسلة جبال هازاردس وخليج أويستر.

ففي هذا الطابق تتوضع ردهة الاستقبال, في حين يحتضن الطابق الأوسط باراً ومطعماً واستراحات, وتتربع صالة العرض وغرفة الإدارة والمنتجع النهاري في الطابق السفلي، بحيث يرتبط مبنى الاستقبال بأجنحة المنتجع عن طريق ممرات مخفية تتباعد لتكشف عن المناظر الطبيعية الخلابة المطلّة.

يمكننا القول أن سلسلة جبال هازاردس كانت المعلم المسيطر على الموقع بأكمله، حيث تحجب وتكشف الكتل المعمارية وبشكلٍ متعمد المناظر الجبلية المبهرة على طول الرحلة.

لكن هنا تجدر بنا الإشارة إلى واحدٍ من أهم التحديات التي واجهت فريق التصميم؛ إذ كان عليهم أن يقدموا تصميماً يصالح مفهوم العميل والسوق للفخامة مع العناصر الفريدة التي تتسم بها جزيرة تسمانيا, وطبعاً كانت الإطلالة جزءاً هاماً من هذه المعادلة، لتكملها نوعية المواد والألوان والحجم والشكل الذي على المبنى أن يتسم به.

وهكذا تم اختيار المواد بحيث تحقق أهداف متنوعة على عدة مستويات؛ إذ عليها أن تلاقي متطلبات البرنامج (كملاءمة الشكل المبني ومدى توافرها في السوق ومتطلبات الإنشاء في موقعٍ بعيد)، إلى جانب النواحي الجمالية (كملاءمتها للأسلوب المحلي والسياق الطبيعي ومتطلبات الفخامة)، بالإضافة إلى دورها في التخفيف من وطأة المساحات والأحجام.

طبعاً تم تعزيز كل ذلك بخطة لونية تم استيحاؤها عن طريق التفحص الشديد للمناظر الطبيعية المحيطة, ليأتي دور الطابع الحميمي والشخصي الطاغي على أجنحة المنتجع، والذي كان من شأنه أن يناقض ضخامة حجم المنشأة المستجيبة للسياق العام.

علاوةً على ذلك تم أخذ قضايا الاستدامة بعين الإعتبار, مع موازنة هذا الأمر مع القضايا الإنشائية المتعلقة بالبناء في موقعٍ بعيد كهذا, إلى جانب توقعات السوق لمستوى الفخامة المُنتظر في مثل هذه المنتجعات الفاخرة سواءً من حيث اختيار مواد البناء أو خدمات المبنى نفسه.

بناءً عليه أخذ التصميم بالحسبان أهمية مسألة شح المياه في مثل هذه المنطقة, حيث تم إنشاء بنى تحتية خاصة بجمع وتخزين مياه المطر خارج الموقع، لتكون جزءاً من المشروع يُستخدم من قِبل أهالي البلدة المجاورة، بالإضافة لإنشاء مرافق لمعالجة مياه المجاري.

أخيراً، كان الاهتمام بنظام التدفئة من أهم القضايا التي كان على التصميم أن يلتفت إليها خاصةً مع توجه المنتجع الجنوبي واشتهار المنقطة بمناخها البارد، الأمر الذي تمت معالجته عن طريق عزل كافة المباني بطريقةٍ جيدة واستخدام أنظمة تزجيج عالية الأداء، تكمّلها أنظمة تسخين مياه وتكييف هواء فعالة من ناحية استهلاك الطاقة.

إقرأ ايضًا