أسطورة موشي الصفدي في سنغافورة

9

“التواصل ولا شيء سوى التواصل، إذ يتوجب على كافة التفاصيل العمل معاً وبانسجامٍ تام، ومن ثم على هذه التفاصيل أن ترتبط والمدينة والجبال وحتى المنطقة بأسرها… هذا ما على المبنى أن يكون.”بهذه الكلمات عرّف موشي الصفدي… المعماري الإسرائيلي الكندي… المبنى.

فالعمل المعماري من وجهة نظر الصفدي “يجب أن يعبر عن المكان الذي ينتمي إليه، ويجب ألا يقتصر دوره على تلبية متطلبات التصميم، بل عليه أن يعكس المساحات المتنوعة والنشاطات التي يضمها من خلال شكله.”

إذ يرى الصفدي العمارة على أنها “امتدادٌ طبيعي لمحيطها على اختلافه، عمراني كان أم ريفي… قديم أو حتى جديد.”

وعلى الرغم من مواقفه السياسية الواضحة، نجح الصفدي وبكل أمان أن يخلق لنا نماذجاً معماريةً استطاعت أن تؤدي دورها على أكمل وجه تجاه مجتمعاتها، وفي أماكن متنوعة جغرافياً وثقافياً مثل كندا والمكسيك ولوس أنجلوس والقدس المحتلة… وسنغافورة، حيث قدم الصفدي للأخيرة أروع النماذج تقديراً لموقع وأراضي البلد الرائعة، والتي استفادت ما أمكن من مناخ وتراث سنغافورة في إثراء عملية التصميم والبناء على حدٍ سواء.

فمؤخراً قام المعماري الشهير برفد العاصمة سنغافورة، بمجمع Marina Bay Sands أو رمال خليج مارينا متعدد الاستخدامات على مساحة 154,938 م2، حيث يضم المجمّع فندقاً فاخراً من 2,560 غرفة تتوزع بدورها على ثلاثة فنادق، والتي تبلغ مساحتها الإجمالية 265,683 م2 أي ما يعادل 2,860,000 قدم تربيعي.

وترتبط هذه الفنادق الثلاثة مع بعضها البعض من الأعلى، لتكشف وبمساحة 200 م عن حديقة Sands SkyPark السماوية، التي تبلغ من جهتها حوالي 9,941 م2، وتضم هذه الحديقة فيما تضم مرصداً للعموم ومساراتٍ للركض جنباً إلى جنب مع الحدائق والمطاعم والصالات وبرك السباحة اللامعدودة.

يمكن أن نقول بأن هذه الواحة الإستوائية من 1,2 هكتار أي ما يعادل 3 فدان، أطول حتى من برج إيفل، حيث تعادل هذه المساحة الكبيرة نسبياً، المساحة المخصصة لهبوط طائرات الجامبو من نوع A380 أربعة مرات ونصف، حيث تمتد Sands SkyPark من برجٍ إلى برج، لتبرز بمقدار 65 م، مشكلةً بذلك واحدةً من أكبر الأظفار في العالم.

يبلغ طول هذا الظفر 340 م ويمتد من الطرف الشمالي وحتى الجنوبي، في حين تبلغ درجة عرض الحديقة القصوى 40 م، أما بركة الحديقة بمساحة 1,396 م فإنها من أكبر وأعلى برك السباحة الخارجية في العالم، والتي تكشف عن حافةٍ لا متناهية بطول 145 م، وأخيراً فإن الحديقة تستوعب حتى 3,900 شخص، وتمتاز بحدائقها الغنّاء و250 شجرة و650 نبتة.

نصل إلى الكازينو المترف المنسق على نمط “الردهة”، إذ يضم وعلى أربعة مستويات مختلف مرافق اللعب والترفيه في مكانٍ واحد والتي يبلغ مجموعها 15,000 م2، كما ويسترعي انتباهنا هنا ثريا مذهلة تزن 7 طن وتتألف من 132,000 قطعة من كريستالات شوارفسكي الفاخرة و66,000 مصباح LED.

من جهةٍ أخرى يضم المجمع على مساحةٍ تبلغ أكثر من 74,322 م2 العديد من محال بيع التجزئة ومطاعم، بالإضافة إلى مركزٍ للمؤتمرات ومعرضٍ على مساحة 121,000، وتكشف هذه المساحة عن واحدةٍ من أكبر قاعات الرقص في آسيا بمساحةٍ بالغة 8,000 م2 لتستوعب هذه الصالة 11,000 شخص.

ننتقل الآن إلى الشقّ الثقافي، حيث ركز الصفدي على إقحام الملامح الثقافية في تصميم المجمّع، ويبدو ذلك واضحاً في متحف العلوم الفنية الذي يمتد على مساحة 15,000 م2، حيث يتمتع بمساحة معارض تبلغ حوالي 6,000 م وبركة من الزنبق تمتد على 3,000 م وأخيراً وليس آخراً مجموعةٍ من أشجار النخيل تمتد على مساحةٍ يبلغ قطرها 80 م وتصل حتى 62 م في الأعلى و11 م في الأسفل.

ولجميع عشاق السينما نصيبٌ مع Marina Bay Sands، حيث يحظى المجمع بمسرحين بمساحة إجمالية تبلغ 21,980 م2 تستوعب مقاعدها حتى 4,000 شخص، أما محبي التسوّق فيمكنهم التجول في أرجاء الأجنحة الكريستالية على مساحة 5,914 م2، حيث تضم هذه الأجنحة محالاً ونوادي ليلية، وتتميز بكونها أول كتلة مصنوعة من الفولاذ والزجاج في خليج مارينا.

لقد استطاع الصفدي مرةً أخرى تعريف المبنى بلغةٍ معمارية جديدة كما اعتدنا عليه، إذ أثبت بأن المبنى قد يتجاوز حالة الارتباط المطلوبة مع محيطه، ليطرح وجهاً آخرمن التناغم، ولكن هذه المرة ما بين أجزائه.

إقرأ ايضًا