الإسباني كالاترافا يحوِّل مطار دينفر الدولي إلى حمامة سلام!

2

إذا ما تحدثنا في الولايات المتحدة -إن لم يكن في العالم حتى- يعد المعماري الإسباني سانتييغو كالاترافا المساهم الأول والأكبر في تصميم مرافق النقل. فبعد أن أسس سمعته كمصممٍ هائل للجسور، انتقل كالاترافا إلى تصميم مجموعة من المرافق الثقافية على المستوى العالمي والكتل الأخرى التي يمكن تمييزها في الحال مثل مشروع Chicago Spire (برج شيكاغو) ومحور النقل (Ground Zero Transportation hub)، التي أكسبته نصيباً لا بأس به من المعجبين والنقاد على حدٍ سواء.

بطريقة طبيعية جداً، عندما انتشرت الأخبار بأنه سيتم الكشف اليوم عن تصميمه للتوسيع الرئيسي لخامس أكثر مطار ازدحاماً في الولايات المتحدة، توزع الصحفيون والنقاد على الصفوف الأولى لنقل هذه المناسبة الهامة، وبدؤوا بالرهانات فيما إذا كان سيرتقي التصميم إلى مرتبة عملٍ مميزٍ -مثل العديد من المباني التي صممها كالاترافا- أم أنه سيهبط إلى حفرة من العدم مثل برج شيكاغو سيئ الطالع، والذي لم تنجح أي من استراتيجيات خفض التكاليف في إنقاذه.

إذا ما بدا كالاترافا مغامراً نوعاً ما، فهو كذلك حقاً. فقد كانت العديد من تصاميمه طموحة جداً بالنسبة إلى الزبائن الذين تعهدوا بها، إلى أن قادت البعض -مثل متحف ميلووكي الفني- إلى الإسراع من أجل إيجاد طرق ناجحة لإيقاف هدر المال على الرغم من ازدحام المتحف بالزوار.

لكن إذا ما كان تصميم كالاترافا من أجل توسيع مطار دينفر الدولي يحوز على الإعجاب العالمي الفوري الذي حاز عليه محور النقل Ground Zero Transportation hub لدى الكشف عنه، يمكن أن تكون المغامرة تستحق كل هذا العناء والإعجاب.

وسواء أأحببت مبانيه أم لم تحبها، لن يغير رأيك حقيقة نجاح كالاترافا في السياقات العمرانية الأكثر صعوبة وخصوصاً تلك التي كانت عرضة للفشل الذريع، تماماً مثلما كان مشروع (Ground Zero).

على الرغم من أن الجو ما يزال مليئاً بالكثير من الجدل والعواطف الأولية والانقسام في الرأي، نال هذا المشروع فعلاً إعجاب وحب العالم الذي صنع منه ما يشبه خياراً مثالياً لمشروعٍ مثل هذا الذي يمتلك طموحاً كبيراً، بالإضافة إلى تورطه في السياسة وغلائه الباهظ.

هذا وقد تم تشكيل برنامج تطوير المحطة الجنوبية الجديدة في مطار دينفر الدولي من أربعة مشاريع مستقلة ولكنها مندمجة مادياً، وهي: محطة سكة حديد جديدة ستربط المطار مع مركز مدينة دينفر، وجسر سكة حديد مميز وساحةٌ عامةٌ متعددة الاستخدام مع متاجر بيع تجزئة وامتيازات وفندقٌ ذو 500 غرفة ومركزٌ للاجتماع.

كما يعد دينفر واحداً من المطارات الرئيسية القليلة في العالم التي لا تمتلك رابط سكة حديد للمسافرين إلى مركز المدينة. إذ يحاول هذا المشروع أن يغير ذلك الواقع من خلال بناء الخطط الأصلية لمطار عام 1995 الذي تضمن فندقاً على أرض الموقع ومحطة سكة حديد متصلة إلى مركز المدينة. أما في تصميم محطة القطار الواقعة بالقرب من السقف المذهل لمحطة Jeppesen النهائية، فقد اختار كالاترافا أن يكمل التطابق المحوري للمحطة النهائية في العمل الجديد ويناقض خيامه النسيجية القابلة للبسط بقوسٍ قابلٍ للضغط، في تجسيدٍ أخاذ لفكرةٍ عامةٍ قام بإكمالها في كل واحدٍ من عناصر البرنامج.

علاوةً على هذا، تم الإعلان عن هذه الفكرة أولاً في جسر سكة الحديد المميز في المشروع، في كتلة قوسٍ موصول، يخدم كمدخل رمزي ذي بوابة إلى مطار دينفر الدولي، بعد أن يكتمل في تصميم المحطة حيث يتكرر القوس ليخلق مساحةً مقنطرةً واسعةً ممتدةً على أربعة طوابق.

أما بالنسبة إلى السلالم والمصاعد والسلالم الكهربائية، فهي تقدم الوصول من المحطة إلى أروقة التوزيع الجانبية الواقعة في كتل المنصة المحيطة. إذ تعمل هذه الأروقة على ربط المسافرين بمنطقة المطالبة بالأمتعة والساحة العامة والمناطق المزودة بالمناظر الطبيعية إلى الشمال.

في حين تضم كتل المنصة مركز اجتماعٍ ومساحات دعمٍ للفندق إلى الشرق، ومساحة مكتب إلى الغرب. حيث ستتلقى هذه المناطق الضوء الطبيعي من السقف الشفاف للمحطة وكذلك من الواجهات الشمالية والجنوبية المغطاة بالزجاج.

أما فوق المحطة وعلى مستوى القادمين الرئيسي، فيوجد ساحةٌ عامةٌ يمكن أن يتم تزويدها بتصاميم لمجموعةٍ متنوعةٍ من المساحات، مما يقدم مناظر مذهلة لجبال روكي. بينما يستقر الفندق -المصمم من قبل شركة Gensler العالمية- إلى الطرف الجنوبي من المحطة النهائية وفوق محطة القطار الجديدة.

بالحديث عن المشاريع الطموحة للمعماري الإسباني، يطمح برنامج المحطة النهائية الجنوبية الخاصة بكالاترافا إلى دمج فندق ومحطة ومظلة وساحة عامة ومحطة نهائية بطريقةٍ تحترم وتكمل عمارة المحطة النهائية الموجودة، بينما تحافظ على خصائص الاتصال المعزز والوظيفية ومكان التجمع المحتمل من أجل مطار دينفر الدولي.

وكما تم التخطيط له حالياً، سيتم إتمام المشروع على مرحلتين اثنتين. إذ من المقدر أن تكلِّف المرحلة الأولى -التي ستتضمن محطة القطار الجديدة والفندق وجسر السكة الحديدية والساحة العامة- مبلغ 650 مليون دولار أمريكي.

بينما ستتضمن المرحلة الثانية -التي من المقدر أن تكلف مبلغ 250 مليون دولار إضافي- كتلة جديدة لركن السيارات وتجديدات للقاعة الكبرى في محطة Jeppesen النهائية. وبسبب التكلفة الضخمة لهذا، تقرر أن يتم تمويله بشكلٍ أساسي من سندات الإيرادات العامة للمطار، مع توقُّع افتتاحه لخدمة المسافرين في عام 2016.

وهكذا يبدو هذا المطار الرائع كطائرةٍ بيضاء أو طيرٍ أبيض يفرش جناحيه ليهُمَّ بالطيران ونقل المسافرين إلى جميع أنحاء العالم، مما قد يغير تصنيفه ويجعله أول مطار أمريكي من حيث الازدحام.

إقرأ ايضًا