فندق سانت فولس… عثة هاربة من أساطير الماضي

8

عندما يحل الخريف تبدأ عملية البحث لدى الكثيرين عن مقرٍ يحتضن أحلام الشتاء، فلا تستغرب توافد المصطافين إلى منتجع سانت فولس، فقد استطاع هذا المنتجع أن يلبي أحلام من جاء بعطلةٍ شتوية مميزة، فعدا عن كونه بوابة جديدة لمدينة فولس كريك في أستراليا، سوف يكون حلماً بحد ذاته… عثة هاربة من أساطير الماضي!

عند البحث عن موقعٍ ملائم، اكتشف معماريو Elenberg Fraser قطعة أرض تمتد فوق تقاطعٍ لجدولين سابقين يُحكى بأنها كانت موطناً لعثة بوجونج وفقاً لراوية السكان الأصليين في أستراليا، ومن ثم قام فريق العمل بتشييد قاعدة صخرية صلبة لحماية المبنى من العوامل الجوية القاسية في جبال الألب، لترتفع فوق هذه القاعدة كتلة الفندق المصنوعة من الخشب والزجاج، وتمتد عن تلك الأخيرة أجنحة على شكل أشعة زجاجية وردية اللون، كما هي أجنحة الفراشات عادة ذات بريق داكن.

إذ ترتبط العثة بتاريخ القبائل الأصلية في تلك المنطقة، حتى أنه يحكى بأن الحجاج عندما كانوا يصلون إلى هذه المرتفعات العالية كانوا يقيمون ولائم احتفالية من العث، لذا كان لابد من صرحٍ ما يخلد تاريخ تلك القبائل القديمة وذاك التقليد القديم، فضلاً عن إعادة ربط المنطقة مع القرية من جديد، لذا قام فريق Fraser برفد المبنى بالعديد من الوظائف الاجتماعية في محاولةٍ لربط القرية مع الطريق، مما يجعل المرافق أكثر قرباً من الزوار والسياح على حدٍ سواء.

وقد ساهم الباب الأمامي الزجاجي بإعادة المنطقة إلى قلب القرية مرة أخرى، الأمر الذي جعلها تتصدى لمتطلبات الشتاء والصمود على مدار السنة، فقد نجح التصميم بربط المبنى مع الشارع من خلال الحافلات والساحات العامة فضلاً عن موقفٍ للسيارات، كما ونجح أيضاً بجعل الزوار على تماسٍ مباشر وقمم الجبال المغمورة بالثلج، إذ يمكنهم استئجار معدات التزلج أو الإكتفاء بالمكوث في المرافق الاجتماعية العمومية مثل النادي الرياضي أو السوبر ماركت أو المطاعم.

أما في الأعلى، فتقبع غرف المنتجع وعددها ستون غرفة، وغرف الفندق وعددها 170، وبذلك نجح التصميم بجعل تلك المساحات الداخلية مفتوحة على السماء، إذ ساعدت أجنحة “العثة” الخارجية بتعزيز الإطلالة في المساحة الداخلية، ولكن تبقى الكسوة الخارجية الخشبية على شكل شرنقة الحدث الأبرز في تصميم المنتجع.

في المقابل يبرز هنالك سؤالٌ هام، كيف يا ترى نجح التصميم بإقحام الأخشاب في بيئة جبال الألب، إذ لا يخفى على أحد تأثر هذه المادة بدرجات الحرارة المتدنية وكنتيجة… الانكماش؟

لقد استطاع فريق Elenberg Fraser إعادة تعريف الجدار الخشبي من جديد، وذلك بتفريغه بشكلٍ عمودي، الأمر الذي سمح للواجهات بأن تتسع تارة وأن تنكمش تارة أخرى دون أن تتعرض للجفاف أو التكسير، من جهةٍ أخرى نجحت تلك الأعمدة بتدعيم وتكملة شكل الشرنقة، حتى تظن للوهلة الأولى بأن المبنى يتحرك ويحوم باستمرار.

وأخيراً يجب عليك عزيزي القارئ أن تجرب سانت فولس من جميع الزوايا لتدرك حقاً خفايا التصميم من الداخل وحتى الخارج، فقد حان الوقت لتقرر أين ستمضي عطلة الشتاء وتترك أجنحة الفراشة تأخذك أينما تريد.

إقرأ ايضًا