رائدة المدرسة التفكيكية تصل إلى الصين

8

انسيابية درامية لا تعترف بزوايا أو حدود، بطلة هذه القصة امرأةٌ شرقية اسمها زها حديد، المعمارية المعروفة التي باتت من رواد مدرسةٍ قائمة بذاتها… لا انتظامية… قائمة على التفكيك، تدعو إلى انعدام التوازي والتقابل في الخطوط والأشكال من أجل تحقيق أشكال قوية… بل وفنية!

جنباً إلى جنب مع بيتر آيزمان ورم كوولهاس وفرانك غيري ودانيال ليبزكند وغيرهم، برزت حديد كأول معمارية عربية تصل مواصيلها إلى الصين، فقد تم أمس افتتاح دار الأوبرا في مقاطعة قوانغتشو جنوب البلاد على مساحة 42 ألف متر مربع، بوحيٍ من أشكال الحصاة المتشكلة بفعل التعرية على طول النهر.

فقد أرادتها حديد أن تكون مفتوحة على نهر اللؤلؤ بهيئة صخرتين ذات تصميم مزدوج، مما ساهم بتسليط الضوء على المدينة وتوحيد المباني المجاورة الثقافية المجاورة مع أبراج التمويل العالمية القابعة على طول النهر، أما في الداخل فقد ركزت حديد على تأمين 1800 مقعداً في دار الأوبرا مجهزة بأحدث التقنيات الصوتية، بينما تضم القاعة الأصغر منها متعددة الوظائف 400 مقعداً لحضور عروض الأوبرا والمسرحيات والحفلات الموسيقية.

لقد استطاعت حديد أن تستقي مفهوم التصميم من مفهومها الخاص عن المناظر الطبيعية وعن التفاعل بين الهندسة المعمارية والطبيعة مع مبادئ الجيولوجيا وتآكل التربة والتضاريس، وقد تم تطوير تصميم دار أوبرا قوانغتشو من وديان الأنهار بشكلٍ خاص، والطريقة التي تتحول بها هذه الأنهار بفعل التعرية.

حيث نلاحظ بأن الخطوط الملتفة في هذا المشهد ساهمت بتحديد الأراضي والمناطق داخل دار الأوبرا، كما واشتركت في تقطيع الزوايا الداخلية المثيرة والأخاديد الخارجية في ممرات التوزيع والدرهات والمقاهي، سامحةً للضوء الطبيعي بالتغلغل إلى عمق المبنى، وبذلك استطاعت هذه الانتقالات السلسة بين العناصر المتباينة والمستويات المختلفة مواصلة مسيرة المناظر الطبيعية، وبالحديث عن السلاسة والانسيابية، تسترعينا الوحدات المصبوبة بالجبس والمقوّاة بالألياف الزجاجية (GFRC) في داخل المدرج.

وأخيراً تأمل حديد بأن تغدو دار أوبرا قوانغتشو حافزاً لتطوير المرافق الثقافية في المدينة بما في ذلك المتاحف الجديدة والمكتبة والأرشيف، فقد استطاعت هذه الدار أن توضح جرأتها في استغلال المساحات والأشكال الهندسية لتعكس تعقيد الحياة العمرانية في قوانغتشو دون أن تغفل عن التقاليد الثقافية التي شكلت تاريخ المدينة، وكلها أمل بأن تكون أول خطوة على طريق المستقبل.

إقرأ ايضًا