مركز بالي للبحوث البحرية في وسط البحر

4

في وسط البحر وبتوقيع شركة AVP المعمارية… يقع مركز بالي للبحوث البحرية ليثبت للعالم أجمع قدرة العمارة على دمج البر والبحر وتعزيز التفاعل ما بين هذين العنصرين المتضادين، بالاعتماد على طبيعة جزيرة بالي إحدى أهم مقاطعات إندونيسيا، التي تعتبر وجهةً سياحية مفضلة لدى الكثيرين بشطآنها الجميلة ومشاهد الغروب الساحرة فيها التي تزيد على سحرها سحراً مع كل إشراقة شمسٍ جديد.

كما وتحظى هذه الجزيرة بتراث ٍمعماري غني يتجلى بأشكالٍ مختلفة تستمتد عظمتها من المعابد التقليدية هناك، ولكن هذه الميزات وضعت في المقابل تحدياً أمام فريق التصميم يكمن في الجمع ما بين الخصائص التقليدية والجغرافية لهذه الجزيرة، إذ كان على مركز البحوث البحرية أن يقف منيعاً في وجه موجات المد البحري وحيداً في قلب البحر تحيط به هالة من البراكين والمعابد وتطوقه مشاهد الغروب، دون أن يؤثر ولو بقليل على هذا التوازن الدقيق.

وجاءت الفكرة الرئيسة استناداً إلى رغبة إدراة المركز بجعل سطح البحر أقل هيمنة على أفق شاطئ كوتا الشهير بأجوائه السريالية وخاصةً عند غروب الشمس، وخلق معلمٍ رمزي بما فيه الكفاية لدمج ملامح جزيرة بالي، ولكن هذه الرغبة لم تكن سهلة المنال، فقد تطلب الأمر البحث عن تصميمٍ ملائم قادر على دمج البر والبحر بشخصه، وجاء الحل بإحداث العديد من الفراغات في كتلة المبنى الأصلي، والتي سيتم تعبئتها بشكل طبيعي بالماء اللازم لإنجاز مختلف مهام مركز البحوث البحرية.

من ناحية أخرى، فقد تم تصميم الكتل الصلبة من المركز كما قمم البراكين، ولكن هذه النهايات المدببة المنفصلة ترتبط مع بعضها البعض تحت سطح البحر، لتجسد فيما بينها نفس العلاقة الأزلية بين البر والبحر والأرض والمياه.

كما ويحاكي البناء بطبيعة الحال بيئته المحيطة؛ فعلى سبيل المثال عندما تكون المحيطات في “مرحلة المد” يغطس البناء في البحر لتغطيه المياه بالكامل عدا قممه أو براكينه الأربعة، ولكن عندما تكون في “مرحلة الجزر” يخرج المبنى مرة أخرى من داخل البحر لاستقبال الهواء والشمس والضيوف، وبذلك يؤكد التصميم قدرته على التفاعل مع هذه الظاهرة الطبيعية.

ويتألف التصميم من مجموعة من الوظائف العامة والخاصة، حيث تتوزع هذه الوظائف بشكلٍ أفقي في جميع أنحاء المبنى، والنتيجة عبارة عن مبنىً أساسي من ثلاثة مناطق متساوية تقوم في نفس الوقت بتحديد الشبكة الهيكلية، وعلى الرغم من أن أجزاء التصميم المختلفة تقوم بالتفاعل فيما بينها، إلا أن كل جزءٍ يحافظ على وظيفته بمعزلٍ عن الأجزاء الأخرى.

وأخيراً فقد لعب استخدام المواد الملائمة دوراً أساسياً في فكرة إنشاء معلمٍ رمزي، ويظهر ذلك جلياً بمجموعة الزخارف المحلية والألوان والمواد التي تشتهر بها جزيرة بالي، والتي استطاعت أن تلبي مفهوم الاستدامة على نحوٍ كبير، إذ تشترك هذه المواد في الحد من استهلاك الطاقة باستخدام أحدث التقنيات في الواجهات الشمسية… وكل ذلك فوق الماء، ناهيك عن إعادة تدوير النفايات والمياه… من أجل تحقيق بناءٍ لا يستجيب فقط من حيث الشكل والتصميم المعماري لمتطلبات زمننا، ولكن قادر على أن يصبح أنموذجاً في توازنه مع بيئته الطبيعية.

إقرأ ايضًا