من الفن البيزنطي القديم وباستدامة معاصرة

4

يشكل هذا المشروع السكني الجديد جزءاً من مشروعٍ تطويريٍّ كبير بجوار محطة رافينا على جانبي هذه القناة الاصطناعية، التي تشكّل بدورها ميناءً للصناعات المنتشرة في المنطقة.

وبتوقيع استديو Boeriتقترح الخطة الكلية إنشاء منتزهٍ جديد موازٍ للمياه إلى جانب سلسلةٍ من الكتل المرتفعة الممتدة بمحاذاة الحافة المائية، التي ستصبح في المستقبل مفتوحةً لعامة الناس.

ضمن هذه الخطة المستقبلية صمم فريق Zucchi& Partners مجمعاً سكنياً مزدوج الأوجه، يشير إلى نسيج المدينة الحالي، ولكنه في الوقت نفسه مستعدٌ للانفتاح على الحافة المائية وتطويراتها المستقبلية المحتملة عبر منتزه مميز.

أما من الجهة المطلة على المدينة، فيؤدي هناك سور واق إلى فناءٍ مركزيٍّ مرتفع يطل على المياه، في الوقت الذي يؤدي فيه عددٌ من المتاجر الصغيرة والردهات بالزوار إلى مناطق التوزيع العمودية المفتوحة على “ساحةٍ” شبه عامة، سيتم ربطها بالمنتزه المائي عبر ممر منزلقٍ يمر بمحاذاة الكتلة.

هنا نشير إلى أن تلك الانتشارات الهندسية المتفرعة من المبنيين و”الجسر” الرابط بينهما من الجهة المائية تساهم جميعها في إضفاء شعورٍ من التطويق الفراغي والحميمية على الفناء المركزي.

أما عن الاختلاف في ارتفاع المبنيين فيشير هذا إلى الإطلالات الطويلة على المدينة الداخلية، ويعود أيضاً لأهمية التوجه الشمسي في الكتلة.

ففي الوقت الذي تم التعامل فيه مع واجهات الجانب الشمالي بطريقةٍ “حجمية” نوعاً ما، تطغى على الواجهات الجنوبية الخطوط الأفقية الطويلة الناجمة على بروز الشرفات.

أما عن واجهات المبنى الرئيسة فتتميز بديكورات التراكوتا الأفقية، التي تمتد كل اثنتان منها في الطابق الواحد، مؤطرةً البلاطات الجصية الملونةبدرجات لونية طينية دافئة ومتنوعة وأخرى زرقاء مخضرة، تخلق مجتمعةً نقشةً فسيفسائية، مستوحاة بشكلٍ أو بآخر من الفن البيزنطي، من شأنها أن تخلق خداعاً بصرياً مؤقتاً بمجرد النظر إلى المبنى، يشوه أبعاده ويساعد على إسباغه بحلةٍ “محلية” يمكن التقاطها من جهة القناة أو من جهة المدينة، حيث يقف المبنى وحده كنقطة علام بانتظار المشاريع التطويرية لتأتي وتحوّل مظهر هذا الجزء من المدينة.

*مبنى مستدام:

تم تصميم المجمع وتنفيذه بالاعتماد على أحدث معايير الاستدامة وتوفير استهلاك الطاقة، إذ تمت دراسة علاقة كتل المجمع بالتوجه الشمسي بعناية، كما تمت دراسة النماذج التظليلة بعمق في كافة ساعات النهار والمواسم سواءً على أسطح المبنى أم في المساحات العامة المفتوحة.

وكنتيجة تم وضع المبنى الأكثر ارتفاعاً على الجانب الشمالي والمبنى الأقل ارتفاعاً على الجانب الجنوبي؛ حيث تحجب صفوف الشرفات الموجودة على هذا الجانب أشعة الشمس عن غرف المعيشة أثناء الصيف، وتسمح بدخولها خلال الشتاء، ما يساهم بشكلٍ كبير في زيادة فعالية المبنى من استهلاك الطاقة.

أما الواجهات الشمالية فتتميز بنوافذ صغيرة تسهم في التخفيف من النقل الحراري، في الوقت الذي تقدم فيه الألواح الشمسية الموجودة على التراساتالسقفية في المبنيين القسم الأكبر من احتياجات المجمع من الطاقة.

ليس هذا فقط؛ إذ يساهم العزل السميك الناتج عن استخدام طبقةٍ من الجص على شبكة، يساهم في تقليل معدلات النقل الحراري بشكلٍ واضح، ويوفر بالتالي من استهلاك الطاقة خالقاً بيئةً مريحة للقاطنين.

ختاماً يُذكر أن كافة المواد المستخدمة هي إما مواد قابلة للتحلل العضوي أو مواد يمكن التخلص منها بسهولة؛ كالحجر المستخدم في عتبات النوافذ، والخشب المستخدم في أطر النوافذ، وأخيراً الجص الطبيعي المستخدم في معظم الأسطح الخارجية.

إقرأ ايضًا