تصميم يعيد قراءة الكتب للظهور من جديد

2

من يقول لك بأن قراءة الكتب لم تعد رائجةً في أيامنا هذه مخطئٌ تماماً… فما زال هناك من يتمسك بهذه العادة التي خبا بريقها بظهور ثقافة الإنترنت وتقنيات آي باد وغيرها، وخير دليلٍ على ذلك توجه فريق ACDF* لتصميم مكتبة سانت أوستاش في شمالي مونتريال بكندا لتحتضن في أرجائها هواة وعشاق القراءة والكتب، والتي استطاعت أن تفرض وجودها المعاصر على السياق التاريخي للموقع بمساحةٍ لا تتجاوز 2600 م2.

يرمز مشروع اليوم إلى المصالحة ما بين الشكل العمراني لضاحية سانت أوستاش كما هو اليوم وما بين تاريخ موقع النهر، كما ويكشف عن العديد من الملامح البيئية والمواد المستدامة التي تضمن ديمومة المبنى والاقتصاد في استهلاك الطاقة، من جهةٍ أخرى نجح فريق ACDF* في محاولته التمييز بين المكونات المختلفة للمشروع لتتلاقى مع بعضها البعض وتؤلف في النهاية وحدةً معمارية متجانسة.

وبذلك يمكننا رؤية المبنى الجديد بمثابة جسر بين المدينة والطبيعة… بين الهدوء والحركة… وأخيراً بين الثقافة والمجتمع، فقد طغت فكرة “العيش معاً” على تفاصيل التصميم في محاولة لتشجيع التبادل المستمر بين مستخدمي المكتبة والموظفين والمجتمع، إذ نلاحظ بأن حجم وتوجه المكتبة يتبع السياق الطبيعي للموقع فضلاً عن القيود المادية والتصميم الوظيفي المعقد للمكتبة الحديثة.

وقد ساهم تنظيم المبنى في جعل المكتبة تبدو كمنارةٍ عند مدخل المدينة ناهيك عن إدارة المتطلبات النفعية للمشروع مثل مواقف السيارات وخدمات التوصيل، حيث تم تشييد المكتبة على بنية تحتية تابعة لخزان مياهٍ سابق لتخفيض تكاليف المشروع ولكن الأهم من ذلك الحد من الاضطرابات في موقع النهر.

كما وتم توجيه الواجهة الرئيسية للمكتبة الجديدة باتجاه الشارع فضلاً عن جعل الجزء المركزي مفتوحاً على التقاطع المجاور مما ساهم في تعزيز وجودها في المدينة، حيث بات بالإمكان والفضل لهذا التوجيه المنحرف رؤية المكتبة من المدينة ومن على حافة النهر على شكل مدخلٍ إلى الحديقة العامة.

من جهةٍ أخرى فإن هذا التوجيه من شأنه تشجيع الزوار على رؤية المشاهد الطبيعية في الموقع من الشارع وتقديم فرصة للعامة والسكان المحليين باستكشاف أهمية المساحة الجديدة وهو أمرٌ لم يكن موجوداً في السابق، أما مخطط المكتبة الجديدة فقد جاء ليعزز من وجود الماء ويشير إلى الطبقات الطبيعية لأراضي النهر، وبالتالي ربط المناطق العمرانية مع الطبيعة وتعزيز التجربة على طول الطرق العامة بين المبنى الجديد والنهر.

ونأتي على ذكر الطرائق المتبعة في ابتكار نموذج المكتبة لنلاحظ بأن تحديد الموقع استجاب لرغبة إدارة المكتبة بربط الشكل العمراني للمدينة مع الموقع الريفي، وقد كانت نقطة الانطلاق هي تشويه الصندوق المستطيل البسيط الذي يضم جسد المكتبة ومن ثم تم التلاعب في الحجم مرتين للحصول على الشكل الأساسي للمبنى.

إقرأ ايضًا