منازل يابانية تعود إلى حياة الإنسان البدائي

4

بينما شهدت تقنية المعلومات تطوراً مستمراً في اليابان، تكيفت صناعة الإسكان بسرعةٍ كبيرةٍ طبقاً لها. وقد سبب هذا “التعديل الإجباري” للمجتمع الياباني تحولاً في أسلوب حياته التقليدي، فتم التعبير عن مساحة الإسكان هذه بالغالب من قبل مفهوم “nLDK” حيث تشير n إلى عدد من الغرف الخاصة، بينما تشير L إلى المعيشة و D إلى تناول الطعام و K إلى المطبخ. من هنا جاء اقتراح استديو LOOP من دبلن لتصميم منزلين يحملان أسماء “WITH” بمعنى “مع” و BEAT بالعودة إلى معيشة الإنسان البدائي في الكهف في محاولةٍ لإعادة اعتبار وتنظيم نوعية العلاقة بين هذه المناطق لإعادة التكيف مع أسلوب حياة حالي ومستقبلي.

إذ يعتمد مفهوم nLDK على وصف القيمة التي يمتلكها المنزل، فتنفصل المرونة الفراغية والعلاقة بين العام والخاص في مناطق n والمعيشة وتناول الطعام والمطبخ وتضيع تماماً، ونتيجةً لهذا، تبدأ “الوظيفة” بالعمل لوحدها.

وبوقوعه في منطقةٍ ريفيةٍ من منطقة غونما في اليابان، يحاط هذا الموقع ببيئةٍ خاصةٍ، وزحمة مرور من جهة الشمال، وحديقة مزرعةٍ مسطحةٍ كبيرةٍ من جهتي الغرب والشرق، وخطاً طويلاً من أشجار الكرز المتبرعمة من جهة الجنوب. بالنسبة إلى المناخ هنا فهو غير عادي أيضاً، ففي الصيف، تسجل المدينة أعلى درجة حرارة كل عام، وفي الشتاء، تهب ريح قوية عاصفة من الشمال والغرب إلى هذه المنطقة.

للعيش في مثل هذه البيئة القاسية، لم تطلب عائلة الزبون الشابة منازل نموذجية تتمتع بالخصوصية والكثير من الضوء الطبيعي والتهوية الجيدة فقط، ولكن أيضاً مكاناً حيث يمكن للعائلة أن تشعر فيه بأنها محمية في جوٍ من الحركة والحساسية.

وبالبدء مع هذه الكلمات الهامة والبرامج التي قدمها الزبون، بدأ حل الشركة بخصوص المنزل بالتشكل. ففي البداية، تصور المصممون “حفرة كبيرة محيطة” داخل المنزل لتكون بمثابة مساحة معيشة وطعام ومطبخ. هذا لأنه منذ بدء الخليقة سكن الإنسان البدائي في حفرةٍ (كهف) لأنه كان عليه أن يحمي نفسه من العدو والبيئة الخطيرين. لكن هذا المنزل ليس شبيهاً تماماً بما امتلكه الإنسان البدائي، ولكن فكرة العيش في حفرة (كهف) كانت أساسية جداً وهامة بالنسبة إلى تطور عملية السُكنى. ولهذا، تم استخدام فكرة “الحفرة” هذه كتوجهٍ نحو حلٍ لاستهلال عملية التصميم.

تم إيجاد حفرة المعيشة والطعام والمطبخ هذه ذات الحجم المضاعف وارتفاع الخمس أمتار لتتيح إمكانية أن تتشارك العائلة في جميع النشاطات مثل الطهي وتناول الطعام واللعب والدراسة وحتى الركض. ومقابل هذه الحفرة الموضوعة عند الكتلة المركزية من المنزل، يوجد نطاق الغرفة الخاصة (غرفة النوم الرئيسية وغرفة نوم الأطفال) ونطاق غرفة الخدمة (الحمّام ودورة المياه والمخزن) في مستوىً أخفض بـ 600 ملم من منطقة المعيشة والطعام والمطبخ، حيث تحيط بحفرة المعيشة والطعام والمطبخ، وتعمل كنطاقٍ حاجزٍ بين الخارج وتلك المنطقة لحماية حياتهم النهارية من الطقس الموسمي القاسي والضجة المرورية.

علاوةً على هذا، ولأن الغرف الخاصة وغرف الخدمة وحفرة المعيشة والطعام والمطبخ ترتبط مباشرةً من خلال فتح الأبواب فقط، يمكن للعائلة الوصول بسهولةٍ أكبر إلى كل غرفة، مع إمكانية مرور التهوية الطبيعية، التي تعد أهم العوامل في هذا المنزل، عبر كافة المساحات. بينما ترتبط مساحة المكتبة ومساحة الزرع والدراسة ومساحة منسق الأسطوانات في الطابق الثاني بمساحة المعيشة والطعام والمطبخ مضاعفة الحجم من دون جدار، مما يخلق وحدةً بين المساحات والأنشطة العائلية.

أما السمة الهامة الأخرى في المنزل فتتمثل في النافذة العالية بأبعاد 2م×5م الموجودة في الطابق العلوي. فهي تعطي منظراً للسماء من السلم السفلي في منطقة المعيشة والطعام والمطبخ، وتقوي أيضاً حساسية التواجد في حفرة، مما يجعل العائلة محميةً تماماً من أي خطر محتمل.

بالتأكيد، تقدم هذه النافذة أيضاً ضوءاً طبيعياً كافياً حتى أثناء الطقس الغائم، ففي الربيع، تصبح هذه النافذة إطاراً لصورة أشجار الكرز المتبرعمة التي تعد واحدةً من أشهر الأشجار التقليدية اليابانية.

ختاماً وبخصوص مساحات المشروع، تمتد منطقة الموقع على مساحة 413,13 متر مربع، بينما تشمل منطقة المشروع مساحة 173,07 متر مربع من أراضي مدينة إيتاكورا في مقاطعة غونما اليابانية.

إقرأ ايضًا