ازدواجية الطبيعة والعمارة في ميناء تيانجين في الصين

14

باتت التصاميم المعمارية التي تحاكي الطبيعة موضةً قديمة عفا عليها الزمان، فقد ظهرت مؤخراً مشاريع مبتكرة قادرة على تحدي الطبيعة وتجاوزها في بعض الأحيان، وخير مثال عن هذه الظاهرة اقتراح استوديو ZIP & BDX لتصميم ميناء تيانجين في الصين، حيث استطاع هذا المشروع بأن يستفيد من الازدواجية بين الطبيعة والعمارة… بين ما هو ثابت وما هو متغير… بين أشكالٍ منحنية وبين أخرى مزوية!

ويظهر ذلك جلياً بالنظر إلى الألواح الهندسية الطافية فوق مستوى الأرض، والتي ترتبط بالكاد مع المساحات الخضراء الملتوية هنا وهناك، وكأنها كثبانٌ رملية شكلتها رياحٌ هبت على حين غرة، فقد ارتأى فريق ZIP & BDX الاستفادة من قرب الميناء من الشاطئ في خلق شاطئٍ آخر ولكن من “صنع الإنسان”… وكل ذلك أشكال عضوية تتحدى أخرى أكثر صلابة.

ولكن ما إن تدخل إلى المجمع سوف تتغير كافة هذه الرسومات المنظورية وتسلم العمارة للطبيعة كافة أسلحتها، حيث تلاحظ عزيزي القارئ كيف يخترق اللوح القاسي من الوسط حزامٌ أخضر متماوج، لتذهلك بعدها غابةٌ من الأعمدة الرفيعة التي تتفرع في زوايا غير متوقعة إلى جانب أبراج بيضاوية الشكل تصل إلى الأرض.

وعلى الرغم من تفاوت حجم هذه الأبراج إلا أنها جميعها بيضاوية سقفها السماء، وقد أدى تكرار نفس الشكل إلى خلق ما يشبه الإيقاع، فقد تم الربط ما بين هذه الأبراج على طول الموقع، لتظهر هناك عمارة اتجاهية، بكلمات أخرى ظهرت هناك مساحة جديدة جراء ربط عددٍ من الاتجاهات، ونقصد هنا الساحات الخضراء.

أما من الجو، فتتغير الصورة للمرة الثالثة، لنرى مبانٍ سكنية أشبه بالموجة تطوقها نوى بيضاوية الشكل، والتي وعلى النقيض من ذلك تبدو وكأنها نقاطٌ صلبة ثابتة كالصخور الماثلة في البحر، فقد راعى فريق ZIP & BDX المتطلبات الوظيفية للمجمع، لذا نلاحظ غلبة الأشكال الأفقية، لينجح في المقابل استخدام الأشكال العضوية بتوفير القدر اللازم من التنوع والتفاصيل المختلفة لكل ركن من أركان المبنى.

ونأتي بذلك على الناحية الوظيفية، فقد ساهم الجزء العلوي من هذه الأبراج بحماية وربط المساحات أدناه، فضلاً عن تحويل تلك الأخيرة إلى مناطق واسعة للتسوق والترفيه مفتوحة جزئياً وليس مجرد مركز للتسوق، كتلك المراكز التقليدية المنتشرة في الصين، فقد تم إلغاء الفصل الصارم بين الوظائف، وذلك بحشد أشكال مماثلة لتوفير الانتقال السلس بين المساحات التجارية والمعيشية.

كما ونلاحظ بأن الارتباط بين قطعتي الأرض وظيفيٌّ أيضاَ، فبينما تم تخصيص قطعة الأرض الأولى لتضم معظم الوظائف العامة، تم تخصيص الطابق الأرضي والطابق الأول للوظائف ذات الصلة على حد سواء بالسكان والعامة، مثل النادي الصحي وصالون التجميل والحضانة.

وأخيراً نجح المجمع بأن يحاكي جغرافية الموقع، وذلك بتقطيعه إلى أجزاءٍ عديدة، ومن ثم الربط ما بين هذه الأجزاء على نحوٍ أفقي لتبدو من الأعلى وكأنها فروع شجرة، أما فيما يتعلق بمنطقة دونغ جيانغ، فقد تم تصميم المبنى في منطقة مجزأة معمارياً، ولذا تمت تجزأته إلى أحجامٍ مختلفة، وبالطبع تصاميم مختلفة.

إقرأ ايضًا