الديموقراطية سر في مقر فيسبوك!

7

لا يخفَ على كائنٍ بشريٍّ عاصر عام 2011 الدور الذي ساهم به الفيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعية الأخرى في نشر الدعوة لاعتناق الديموقراطية.

واليوم وفي مقر فيسبوك شخصياً يبدو أن الشركة قد اعتمدت هذه المقاربة؛ المقاربة الديموقراطية، حيث جرى تصميم المقر اعتماداً على استطلاعات وتصويتات ومقابلات أُجريت مع موظفي الشركة لمعرفة طلباتهم وأحلامهم ببيئة العمل.

وكانت النتيجة أن تم إنشاء المقر في موقع قديم أنشئ منذ الستينيات من القرن الماضي، حيث سيتمكن موظفو فيسبوك -وهم بالمناسبة أكثر من سبعمئة موظف- من ابتكار المزيد والمزيد من وسائل وخدمات التواصل الاجتماعي.

إذ ارتأى مصممو Studio O+A إعادة استخدام الكثير من تجهيزات المختبر القديم، وتحويلها إلى مقاعد ومستلزمات للمكاتب الجديدة ضمن شيفرة لونية تفصل الفِرق المختلفة داخل مساحة العمل المفتوحة الواحدة.

كما تمت المحافظة على بعض الجدران دون أية تشطيب، وذلك كي يتمكن الموظفون من إضافة الكتابات والأعمال الفنية عليها.

فالهدف من التصميم أولاً وأخيراً هو تفعيل التواصل والارتباط، وهو ما يعكس مهمة الشركة على اعتبارها مزود شهير لخدمات الشبكات الاجتماعية على الانترنت.

والبداية كانت من الموقع المميز، إذ اختار المصممون مختبرات قديمة لمصنّع شهير وهو شركة Agilent Technologies، يمتد على مساحة 150 ألف قدم مربع من شأنها أن تلم شمل موظفي فيسبوك المتناثرون في أكثر من عشرة مكاتب في بالو ألتو، كاليفورنيا.

وقد اعتمد تصميم المساحة على البيانات المستمدة من المستخدمين، بما أن الفيسبوك تقدّر عالياً رأي كل موظفٍ فيها.

حيث قابل المعماريون كافة الموظفين وناقشوهم بطلباتهم وأمنياتهم في مقر عملهم الجديد، كما تم استخدام منصة فيسبوك لإجراء تصويتات حول قرارات التصميم، هذا عدا عن نشر صور من مرحلة التنفيذ وآخر التطورات الطارئة على العمل، وهذا ما أبقى الجميع على اطلاعٍ بما يجري بالمشروع.

ولأن المقر الجديد سيجمع موظفين من أماكن مختلفة، أرادت الشركة أن يحافظ كلٌّ من العاملين على هويته الخاصة، وهذا ما دفع المصممين لاستيحاء رؤياهم من الطبيعة المتنوعة والغنية لمستخدمي وموظفي فيسبوك، جامعاً في مكانٍ واحد ما قد يبدو عبارة عن مجموعة من العناصر غير المتوافقة، وذلك ضمن نموذجٍ شامل يعتمد على اللون وتوزيع المساحات الداخلية في خلق أحياء داخل مساحة العمل المفتوحة الواحدة.

ووسط كل هذه الجلبة تقع مكاتب الإدارة في مناطق مركزية، بحيث يمكن لكافة الموظفين الوصول إليها بسهولة، أما الاستراحات الكبيرة والمساحات المفتوحة فتؤمن هذه أماكن مناسبة للم شمل المجتمع برمّته.

وطبعاً لا يكتمل المكان دون مطبخٍ ومقهى، فهما عنصران أساسيان في تاريخ فيسبوك، حيث تُقدم هناك وجبات الطهاة للموظفين طيلة ساعات الدوام، إلى جانب المشروبات والوجبات الخفيفة المتوافرة في المطابخ المصغّرة المنتشرة في أرجاء المقر.

واستجابةً لرغبات الموظفين في مكاتب خضراء، يأتي هذا المرفق كأول مشروعٍ تجاريٍّ مكتمل في بالو ألتو خاضع لبنود قرار البناء الأخضر 2008، حيث يستفيد التصميم بشكلٍ كبير من السمات المعمارية الموجودة أصلاً في الموقع؛ مستخدماً آلة الصقل المأخوذة من المرفق السابق ومعيداً استخدام عناصر صناعية أخرى.

ليس هذا فقط؛ إذ استخدم المصممون سمات مستدامة أخرى كالسجاد المصنّع من عناصر معادة التدوير وتجهيزات الإنارة الموفّرة للطاقة.

فالهدف من التصميم هو المحافظة على التاريخ والخصائص الجمالية الخام للمبنى وخلق نظيرٍ ديناميكي مرح لطاقم الشركة الشاب.

وهذا ما تمت ترجمته بوضوح في الجدران التي بقيت دون أية تشطيبات كي تشجع الموظفين على الكتابة والرسم عليها؛ تماماً كفكرة “الجدار” التي تفرد بها فيسبوك.

أما عن تلك الرافعة البرتقالية المتألقة وسط المساحة، فقد تمت المحافظة عليها كذكرى من المرفق السابق، هذا عدا عن تلك المظلة المصنوعة من اللباد، والتي تمتد على أحد الجدران وعلى السقف لتؤكد على تلك الجمالية الصناعية التي يتمتع بها المبنى، ولتحدد منطقة الاجتماعات المركزية، التي يمكن استخدامها أيضاً كمدرجٍ مرتجل.

ولا تتوقف مهام المظلة عند هذا الحد؛ إذ من شأنها امتصاص الأصوات وحمل العوارض الرافعة لتجهيزات الإنارة.

ولزيادة المرح على المكان وعكس خدمة الألعاب التي يتمتع بها موقع فيسبوك؛ يمتد ملعب خارجي لكرة السلة أمام المكاتب هذا عدا عن طاولة البينغ بونغ الداخلية، التي تقدم مجتمعةً فرصٍ لامتناهية للراحة والاسترخاء.

ويبقى أكثر ما يبهر داخل المقر هو تنقّل الموظفين على ألواح تزلج فوق تلك الأرضيات الخرسانية المسلحة!

ديموقراطي؛ مستدام؛ مرح؛ وعاكس لخصائص الشبكة الاجتماعية… إنه مقر فيسبوك في كاليفورنيا.

إقرأ ايضًا