ليس مجرد متجر لبيع النظارات

9

استعارةٌ بسيطةٌ جديدة هي ما أنتج هذا العمل المعماري الدقيق؛ إنها تجربة المساحة الناتجة عن التعايش ما بين عنصرين هامّين هما: المرتفع والمحلق في الجو من جهة، والثقيل الملامس للأرض.

هكذا ولد تصميم متجر النظارات هذا في العاصمة اليونانية أثينا، فقد ارتأى Simos Vamvakidis تلبية متطلبات عميله بطريقة إبداعية للغاية وضمن مساحة 65 متراً مربعاً فقط.

حيث تم إنجاز المتجر في حزيران عام 2011، وهو متجرٌ يقع في طابقٍ أرضيٍ، فيه قبو وميزانين، ويتمتع بواجهة ضيقة تطل على الشارع بطول ثلاثة أمتار فقط.

وقد طلب العميل من معماره أن يحقق المتجر انفصالاً واضحاً بين النظارات الشمسية وتلك الطبية، وأن يفصل أيضاً بين النظارات المخصصة للشباب وتلك المخصصة للفئات العمرية الأكبر.

بناءً عليه تم وضع المنتجات الخاصة بالشباب على سطحٍ حرٍّ مستقل بذاته، يبدو وكأنه يحلق فوق الأرض؛ بينما تم وضع المنتجات المخصصة للفئات العمرية الأكبر على كتلةٍ مستطيلة صلبة، تتضمن أيضاً مساحةً تخزينية لمختلف أنواع المنتجات.

أما عن الفصل بين النظارات الشمسية وتلك الطبية فقد تم التوصل إليه باستخدام مواد وأسطح عرض مختلفة؛ إذ تم وضع النظارات الطبية داخل أسطح من الحديد الأسود، في الوقت الذي تُعرض فيه النظارات الشمسية في أسطحٍ من الخشب المعاكس.

لكن هنا تبرز قضيةٌ أخرى تتعلق بتحقيق التوازن ما بين الأقطاب المختلفة؛ الشباب وكبار السن، والحديد والخشب؛ فهذه الأقطاب المختلفة واضحة تماماً للعيان، لكنها غير محشورة في زوايا مختلفة، وهذا ما يدفعها لخلق حوارٍ ديناميكي مع بعضها البعض داخل المساحة، إذ نراها تغطي بعض الأجزاء تارةً… وتنطوي تارةً أخرى… وحتى تتجاور مع بعضها البعض أحياناً.

كما يمتد السطح الحديدي وصولاً للميزانين حيث يتم عرض العدسات اللاصقة.

ولم يتوقف خلق هذا التركيب المتناغم على المواد وحسب؛ إذ تم تكييف هذا المزيج مع تنظيم وتخطيط مناطق البرنامج؛ كمنطقة دفع الحساب ومنطقة التخزين ومقاعد العرض والطاولات والأسطح.

فهنا لا يتم التعبير عن هذه المناطق كعناصر مختلفة، بل كأجزاء تشكّل كلاً واسعاً مؤلفاً من أسطح مستمرة ومتقاطعة. كما تتطور هذه الأسطح لتشمل استخداماتٍ متنوعة وأبعاد مختلفة في المساحة… ابتداءً من الأرضيات وانتهاءٍ بالجدران.

وبهذه الطريقة تتحول الأسطح لمنطقة دفع الحساب ولمنطقة تخزين ولمقاعد عرض وطاولات وحتى أرضيات، وكل ذلك عبر شكلٍ موحّد.

يمكن اختبار هذه الاستمرارية “العضوية” بطريقةٍ بصريةٍ وعبر أجسادنا أيضاً، حيث ترشدنا هذه الأشكال داخل المساحة، فنتمكن على سبيل المثال من الاستناد على بأجسادنا ولمس مقعد المحاسب فوق طاولة العرض.

*عملية التصنيع:

قامت عملية التصنيع على استراتيجيات إكساء استُخدمت سابقاً في مشاريع أكبر تميزت أيضاً بهندستها غير المتعامدة، كقاعة احتفالات والت ديزني في لوس آنجلوس على سبيل المثال.

حيث تم تحليل أشكال الجدار الجانبي الطبوغرافية المعقدة إلى مثلثات أصغر أو أسطح ثلاثية الأجزاء.

ثم تم فصل هذه الأشكال إلى عناصر أساسية؛ الكتلة و”القشرة”.

حيث تم قطع الكتلة ليزرياً إلى قطع معدنية تم لحمها وتركيبها على الجدران الجانبية، لتشكل في النهاية “هيكلاً” قادر على حمل “القشرة”، التي جاءت على هيئة أسطح من الخشب المعاكس.

في النهاية تم تنظيم كافة الأسطح وفرزها، وتم ترقيمها وقطعها من صفائح خشب معاكس بأبعاد 2.50×1.20 م.

وهكذا كانت النتيجة.

إقرأ ايضًا