لقد كان هذا المشروع فرصةً مميزة أثبت من خلالها استوديو DES بأن التصميم الداخلي لم يعد مجرد زينةٍ والسلام بل هو قضية أساسية وأساسية جداً، فمقهى TEEL في قلب العاصمة الإيطالية روما، وعلى الرغم من المساحة المتواضعة والبالغة 90 م2 فقط… جاء ليمثل ثلاثة “مستوياتٍ للفصل” ألا وهي الحساب، التنظيم والمساحة.
بدايةً مع مستوى الحساب الذي يعتبر أول تغييرٍ في الحالة وأول مرحلة في “الجانب الإنشائي”، فقد قام معماريو DES نظراً لأبعاد الحانة البالغة 10× 10× 3,30 م بإدخال نظام الجدار الإضافي والطاولة التي كانت عبارة عن مجرد عنصرٍ كبير يمتد في التصميم، إذ يبلغ طول الجزء البارز من الطاولة قرابة 3,50 م، في حين استطاع مقطع الطاولة بأكمله أن يقضي على قوى الالتواء وذلك من خلال طيها، حيث أدلا ذلك للحفاظ على اتزان الطاولة، مما انعكس إيجاباً على الزبائن الذين بات بإمكانهم الإتكاء والاستراحة على طول المقطع بكل أمان.
ونصل إلى التغيير الثاني، والذي يقضي بأن يكون كل عنصر من عناصر الحانة أكثر تواصلاً مع المفهوم العام أو الرموز التي وضعت خصيصاً لهذا المشروع، ونتيجةً لذلك أطلق عليه معماريو DES مستوى “التنظيم”، حيث نلاحظ بأن كل جزءٍ من أجزاء التصميم يتبع الجزء الآخر ولا ينفصل عنه أبداً، وبذلك تحقق الرمز الأساسي ألا وهو مفهوم “الراحة” عبر تطويق المساحة بأكملها بطبقاتٍ منفصلة، والتي تطوق من جهتها “مركزاً فارغاً” حيث سيجلس زوار الحانة.
هنا تجدر بنا الإشارة إلى أن كل مستوىً قد تم تنفيذه بواسطة مادة واحدة، ولكن تتناوب ما بين الخام والمصقولة.. القاسية والمريحة.. الحميمة والمرنة.. الديناميكية والثابتة، من جهةٍ أخرى تتنوع هذه المواد ما بين أخشاب IPE وأسطح كورتين والجص الطبيعي والزجاج والراتنج والحديد، ولكن تشترك جميعها في مهمةٍ واحدة ألا وهي خلق كلٍّ بيئيٍ-عاطفي من شأنه إثراء المساحة وإضفاء نوعٍ من التوازن.
وأخيراً نتناول التغيير الثالث في مقهى TEEL ألا وهو عنصر المساحة، والذي يعتبر الجوهر الأساسي في العمارة، فنظراً للأبعاد المحدودة للحانة قام معماريو DES بتغيير الحدود بين الداخل والخارج، وذلك من خلال سحب الواجهة الزجاجية إلى داخل الحانة وإخفاء الأطر، فضلاً عن استمرار الأرضيات خارج حدودها وكأنها دعوةٌ للجلوس.
في وقتٍ لاحق عمل فريق العمل على ابتكار تطويرٍ ديناميكي لكافة أجزاء الحانة، ولتحقيق هذا الغرض وتحويل المساحة تم تصميم سلسلة متطورة من المطبات الصغيرة المتدرجة التي ساهمت بدورها في تعريف المساحات الفرعية، ويأتي ذلك تجسيداً لقناعة معماريي DES بأن المساحة المنظمة بإمكانها أن تكشف عن تجربةٍ ديناميكية وثابتة في نفس الوقت. ومن دون أدنى شك فقد نجحت هذه الفكرة في إثبات نفسها بالتأكيد على التوازن ما بين الحالتين، الأمر الذي كان واحداً من أهم أهداف هذا المشروع.