الشقة الخلية!

7

قد تتفق معي بأن مواد البناء قادرة على قلب التصميم رأساً على عقب، فتخيل معي شقتين بنفس المساحة بل وفي نفس المبنى، ولكن كل واحدةٍ منهما مشطبة بمادة، خشب ونسيج مثلاً، ألا تعتقد بأن كل شقة من هاتين ستتحلى بأجواء مغايرة عن الأخرى؟

هذا بالضبط ما ركز عليه فريق Sugawaradaisuke من طوكيو وباريس، فقد انتهى الفريق المعماري الشهير منذ فترة من تصميم شقتين استوديو في إحدى أبنية طوكيو القديمة التي تعود لأكثر من ثلاثين عاماً؛ كل شقة تمتد على طوابق غير تلك التي تمتد عليها الشقة الثانية ولكن كلتا الشقتين في نفس المبنى، واحدة تفصل ما بين مساحاتها ألواح خشبية والثانية حواجز نسيجية.

ويدعى هذا المشروع Cell + wood/fabric فقد كانت النية استغلال المساحة المحدودة في كلتا الشقتين عبر اللعب على التشطيبات، حيث تم توزيع الشقة الأولى باستخدام أسطح مقوسة حرة مصنوعة من النسيج، بينما تم توزيع الشقة الثانية، باستخدام أسطح خشبية مثلثية الشكل، وفي حال كانت مقوسة أم مثلثية، سوف تخدم هذه الأسطح بمثابة أدوات وصل ما بين كل غرفة وبذلك ليس هناك من حاجة لوجود أبواب.

لذا أطلق على الشقة الأولى اسم CELL + wood أي خلية + خشب، إذ تبدو إلى حدٍ بعيد أشبه بسلسلة جبلية ذات أشكال نحتية من نشارة الخشب، في حين أطلق على الشقة الثانية وتتألف من أسطحٍ مقوسة تبدو كغيمة ترمي بظلالها على الأسطح اسم CELL+ fabric أي خلية + نسيج، فعندما تقف وراء تلك المادة الشفافة ينعكس ظلك إلى الجهة الأخرى من الأسطح النسيجية.

أما الغرف في كلتا الشقتين، فمفتوحة على ثلاثة اتجاهات ما يعني ظهور ثلاثة غرف؛ الأولى عبارة عن نواة الشقة والثانية مجرد مساحة حرة، بينما تتوسط الغرفتين مساحة ثالثة تدعى المنطقة المتوسطة، وبذلك تشترك كل غرفة من هذه الغرف مع الأخرى بمساحة واحدة تشبه “الخلية”.

إذ بمقدور هذه “الخلية” أو الغرفة الواحدة الصغيرة جعل الشقة تبدو أكبر وأكثر وظيفية على الرغم من صغر المساحة، ولكن هذه الخلايا لم تأتي وليدة الصدفة على الإطلاق، بل تطلب الأمر من فريق Sugawaradaisuke إجراء عدة دراسات على سلوك المستخدمين وتحركاتهم ضمن الشقة الواحدة، كما وتمت دراسة اتجاه ضوء الشمس وكيفية استغلاله على النحو الأمثل، ليشعر مستخدم “الخلية” وكأنه يمشي في غابةٍ أو حقلٍ، تنتظره مع كل خطوة مفاجأة أو اكتشاف ما.

إقرأ ايضًا