المشفى بنظر الأطفال

9

لطالما رُوجت للمشافي صورة نمطية تتميز بأجوائها الباردة العبقة بروائح المعقمات، لكن ليس بعد الآن.

فقد ارتأى فريق Curtis Group المعماري كسر الصورة النمطية للمشافي، خاصةً أن عليه التعامل هنا مع عملاء من نوعٍ خاص؛ الأطفال.

اعتمد المصممون مقاربةً خاصة للغاية أثناء تصميمهم لوحدة العناية بالأطفال في مركز Kadlec الإقليمي الطبي في العاصمة الأمريكية واشنطن؛ حيث الهدف الأساسي هو تأمين مرفقٍ دافئ ومرحّب بل ومحفّز بصرياً للأهالي والزوار على حدٍّ سواء.

وبالفعل تم إنجاز العمل عام 2009 من خلال التقيد لمبادئ منظمة بلينتري الخاصة بالمشافي ومراكز العناية الطبية، والتي تشجع على تفعيل عملية الشفاء والتعافي بكافة أبعادها؛ العقلية والعاطفية والروحية والاجتماعية والجسدية، فقد تم تصميم المرفق آخذين بعين الاعتبار نظرة الأطفال إليه، فعلى سبيل المثال؛ وبمجرد فتح المصعد لأبوابه يمكن للزوار الدخول إلى عالمٍ مغمورٍ بالمياه أقرب لأجواء الأحلام، حيث المخلوقات البحرية وألوان المحيط تتنتشر في تزيينات الأرضية واللوحات الفنية وتشطيبة السقف ومختلف مواد التشطيب.

ليس هذا فقط؛ إذ تتميز كل غرفة مريض بمخلوقها البحري الخاص، الذي يتم عرضه على الأرضية وعلى أغطية السرير وفي المنحوتات الخشبية أعلى السرير نفسه، بينما يتميز السقف بطلائه الملون بزرقة السماء وغيومها.

هذا بالنسبة للغرف، أما عن الممر؛ فسقفه منقط ببلاطات دائرية ملونة بدرجات الأزرق والأخضر، من شأنها التخفيف من الضجيج ولفت انتباه المرضى الصغار أثناء استلقائهم على الأسرّة والنقالات، كما أنها تجسد عنصراً هاماً في الاستدلال على الطريق، حيث يمكن للمرضى حساب عدد الدوائر من موقعٍ إلى آخر.

بالنسبة للمساحات العامة، فقد ارتأى المصممون الاستعانة بالأرضيات الخشبية الصلبة الطبيعية التي تتماشى معها الجدران المطلية بأرق الألوان في الوقت الذي يتسلل فيه الضوء الطبيعي عبر النوافذ الممتدة من الأرض وحتى السقف.

ولكن كل هذه الأجواء لم تكتمل بالنسبة لمعماريي Curtis Group؛ فقد أرادوا إضافة عنصر تدفئة مميز يشع بدفئه في المساحة المخصصة لاستراحة الزوار، وبناءً عليه اختار المصممون موقداً فريداً على هيئة نهرٍ طبيعيٍ تربع في مساحةٍ أكملتها المفروشات المنجدة بدقة بطريقة تجعلها أشبه بمفروشات المنازل المريحة.

وهكذا من التشطيبات إلى العناصر الحية، تحتضن وحدة الأطفال هذه عالم الألوان بكافة الأشكال؛ بما في ذلك حوض الأسماك المنحني بسعته البالغة 800 غالوناً، والذي جاء ليحتضن أشكال الحياة المائية بشكلٍ واقعي بما يتلاءم مع فكرة التصميم الرئيسة.

وحتى الإضاءة تآمرت مع كافة العناصر لبلوغ هذا المقصد؛ حيث تم استخدام لوحات إنارة مستوحاة من المشاهد المائية داخل غرف المعالجة، تتشارك معها بنفس السمات الأضواء الخاصة المعدة للاستخدام من قِبل المرضى في الغرف المفردة والأضواء الجدارية ذات الدرجات الدافئة.

في الختام لا يسعنا إلا أن نقول أن تصميم هذه الوحدة لم يعتمد سوى على اللون كعنصر جذب لكافة الحواس وليس فقط حاسة البصر؛ وذلك على أمل خلق مشهدٍ فعال ووظيفي وتفاعلي وقبل شيء شافٍ للمرضى لا مثيل ولا سابق له.

إقرأ ايضًا