الفن المعاصر في عهدة المكعبات السوداء

6

لم يكن التعامل مع مؤرخٍ فنيٍّ شهير مثل ويليم بارس مهمةً سهلة على فريق كونكريت Concrete، إذ كان على أي معرضٍ يقام على شرفه أن يرقى إلى مستوى محظياته من الكتب والقطع الفنية القيمة، فقد قام بارس منذ العام 2007 بافتتاح واستضافة عدة معارض لتخليد الفن المعاصر في عدة أماكن من العالم، لذا كان على معرض العاصمة الهولندية هذا مهمةً مضاعفة؛ مجاراة معارض بارس الأخرى من جهة؛ وإيفاء هذا المدافع حقه من جهةٍ أخرى، فلطالما قاتل بارس للحفاظ على كتبه، ومن حقه الآن أن يودعها في أيدٍ أمينة.

كانت نقطة البداية لجعل المعرض مثيراً على الرغم من وقوعه في إحدى أبنية أمستردام التقليدية الطويلة والضيقة هي رفده بمكعباتٍ سوداء متصلة مع بعضها بشكلٍ قطري، يكون من شأنها المساهمة في تقطيع المساحة المستطيلة، بل وتنظيم المعرض بشكلٍ عام، فكيف تم ذلك يا تُرى؟

لقد ارتأى فريق Concrete حجب بقية الوظائف غير الهامة -مثل المطبخ والتخزين- وراء هذه المكعبات السوداء، ونتيجة لذلك ظهرت مساحة فارغة وهادئة، يمكن أن تصبح هذه المكعبات بمثابة خلفية مثالية لمجموعات القطع فنية، بالإضافة إلى توفيرها انتقالاً تدريجياً من المدخل إلى المعرض، حيث ستمهد لك الطريق في البداية لتُدرك أين أنت، قبل أن تستقبلك القطع الفنية المبهرة.

أما المكتبة فتلك حكايةٌ بمفردها، فقد نحجت بتأطير مجموعات بارس الرائعة من الكتب الفنية التي جمعها على مر السنين بكل أناقة، حيث قام فريق Concrete بدمج المكتبة والمكعب الأسود ببراعةٍ بالغة دون أن يعلم الرائي ما يخفيه هذا الوجه المرتب من أبوابٍ تؤدي مباشرةً إلى المطبخ!

وبالانتهاء من مشكلة التنظيم، ظهرت مشكلة ضيق المساحة، وهو ما يشرح لنا طريقة رصف أضواء LED على من السقف خلافاً لاتجاه المكعبات السوداء وعلى نحوٍ يتماشى وشكل المساحة الطولانية، مما ساهم بتوزيعٍ سلس للضوء على القطع الفنية.

لينجح أخيراً فريق Concrete بتسليط الضوء –عدا على قطع بارس الفنية- على الأرضية والجدران والأسقف البيضاء دون أن يؤثر ذلك على وقار وهيبة المكعبات السوداء.

إقرأ ايضًا