فندق دار حاي ناطق رسمي باسم العمارة التونسية

10

في حال فكرت بزيارة فندق دار حاي في تونس، عليك أن تشتري مسبقاً بابوجاً مريحاً من إحدى الأسواق الشعبية المنتشرة هناك، إذ سيتوجب عليك السير بما أنه غير مسموح للسيارات بالدخول إلى هذه البقعة المنعزلة عن المدينة، والتي لطالما كانت الوجهة المفضلة لدى الكثيرين لقضاء العطل والابتعاد عن زحمة المدينة، والفضل طبعاً لأجواء الصحراء النقية، التي وعلى الرغم من حرارتها المرتفعة بقيت محافظة على استدامتها وصداقتها مع البيئة.

ولكن فندق دار حاي الجديد معتلياً تلة منخفضة على حافة الصحراء الكبرى سوف يجعلك تنسى بابوجك وتعبك حتى، وتسارع لاكتشاف خفاياه، إذ يخفي فندق دار حاي وراء أحجاره القرميدية القديمة وجهاً عصرياً مبتكراً يؤهله ليتنافس وأهم المنتجعات العالمية من تصميم المعماري الفرنسي Matali Crasset.

ويعتبر هذا الفندق مبادرة المصمم الأولى في دمج العمارة الاجتماعية والأماكن العامة، وفيه يكشف Crasset عن تقنية تبريد متطورة للغاية للتخفيف من وطأة الحر الذي يخيم على أجواء الصحراء الكبرى، ولكنها تقنية بيئية في مجملها تشترك مع مصادر المياه الطبيعية بجعل الفندق فندقاً أخضر بامتياز تزينه النباتات وأشجار النخيل المحلية التي لا تحتاج حتى لأسمدة صناعية، ناهيك عن المفروشات الخشبية في الداخل من خشب النخيل أيضاً التي أضفت بدورها على المكان طابعاً مستداماً.

وتجدر بنا الإشارة هنا إلى أن تونس تبعد فقط بضع ساعات عن باريس، وهو ما مهد لظهور علاقة ثقافية قوية منذ منتصف عام 1800، كما وتشرح لنا هذه العلاقة السبب وراء ظهور معظم الفنادق -حسب رأي البعض- بحلة غربية غير ملائمة للمنطقة، ولكن فندق دار حاي استطاع أن يقلب هذا المفهوم تماماً، فهو ليس مجرد فندق على تلة صغيرة في بلدة نفطة، إنه ناطقٌ رسمي باسم العمارة المحلية، ويظهر ذلك جلياً بالنظر إلى الديكورات الخشبية الداخلية المصنوعة من أشجار النخيل، التي تخضع للفحص في جمعية “مختبر النخيل” أو Palmlab لأبحاث النخيل في الكلية الواقعة داخل الفندق نفسه.

إقرأ ايضًا