في الشرق الأوسط من هو صاحب القرار..المعماري أم المقاول؟

2

لقد اعتدنا أن يقوم المعماريون والزبائن بانتقاء الزجاج دائماً لتغطية الداخل والخارج على السواء وربما يتبع ذلك لوجهة نظرٍ جمالية، ولكن عندما يتعلق الموضوع بوحدة الكتلة وجودة الأداء والتطبيق فالقرار هنا للمهندس المسؤول. ولكن ما الحل إذا تطلب قيام مشروعٍ ما استخدام كميات هائلة من الزجاج؟ ربما سوف يلجأ المتعاقدين والمهندسين المسؤولين عن رصد التكلفة القيمين على المشروع إلى استبدال هذه الكميات بموادٍ أخرى، هذا هو حال البناء في الشرق الأوسط… ولكن السؤال هنا من يربح في النهاية؟

هل يُؤخذ رأي المعماري بعين الاعتبار، أو المهندسين المسؤولين عن رصد التكلفة من وراء الكواليس بالنظر إلى الميزانية المرصودة للمشروع قبل أن يقع الاختيار على الزجاج؟

وهل فعلاً يهتم مالكي المبنى أو القائمين على تطويره بمصير هذا المبنى بعد بيعه؟ جميع هذه الأسئلة تفرض علينا الإجابة على السؤال الأخير، هل استخدام الزجاج في العمارة هو قرارٌ وظيفي بحت أم هو لفتة جمالية تُضاف للمبنى؟ فمن المتعارف عليه بأن الهدف من العمارة هو خلق المساحة، وعلى المعماريين تصميم الكتل لتضم في حناياها مختلف التجارب البشرية، ولكن إذا ما انتزعنا العنصر التجريبي من الكتل، لن يبقى عندها سوى مجرد منحوتات بسيطة بعيدة كل البعد عن العمل المعماري.

فهناك بعض المواد التي تؤثر بشكلٍ مباشر على الطريقة التي ننظر بها إلى الهيكل المعماري بالإضافة إلى الزجاج، وإذا ما كان الهدف من استخدامها وظيفياً أم جمالياً، لا شيء ينافس الزجاج الذي يبقى من أكثر المواد المتعددة الاستخدام بشكلٍ منقطع النظير.

وانطلاقاً من الجدل الذي يفرضه الموضوع، قامت مجلة Middle East Architect برصد مبانٍ من كافة أنحاء العالم لتتحدث عن أهمية استخدام النوعية المناسبة من الزجاج في المكان المناسب.

حيث يصف لنا Richard Wagner المعماري المعروف في dxb lab التخطيط المثالي قائلاً “باختصار تام، المعماريون يقومون بتحديد نوعية الزجاج، بينما يقوم المهندسون بتأكيد الاختيار، ومن ثم يقوم المقولون بتنفيذه، لتأتي أخيراً الجهة المطورة وتبيع المشروع بناءً على رغبة الزبون.”

فالأمر في غاية البساطة، فمعرفة ما يجري في العمارة الخليجية “ليس بكيمياء”، وسهولة التخلي عن النوع في سبيل الكم لا تخفَ على أحد، وكلنا يعلم كم يكافح المعماريون في المنطقة في وجه المقاولين وكم يعاني المهندسون في إقناع الزبون بأن استخدام المنتجات الأدنى نوعية لن تحمل من التأثير سوى اليسير، بل على العكس ستؤثر سلباً على المظهر النهائي للمبنى.

وفي هذا الجانب، أوضح المسؤول التقني في مركز الشرق الأوسط للتطوير المستدام Thom Bohlen، والذي أدرك مثل الكثيرين أهمية الاستعانة بخبراء الجودة فيما يتعلق باختيار الزجاج في التصميم قائلاً “عادة يقوم المعماريون بإضافة الزجاج على أبنيتهم، ولكن في أغلب الأحيان يقومون بتلقي مجموعةٍ من المداخلات من مهندسي البناء ومقاولي الزجاج ومزوديه وبالطبع من مستشاري الأبنية الخضراء” يكمل Bohlen “كما تؤثر عوامل نقل الحرارة ومعدلاتها إلى جانب عوامل الظل في هذا النظام بشكلٍ كبير على استهلاك المباني للطاقة.”

وأخيراً فإن الجهات المطورة أو المقاولين في منطقة الخليج العربي يقررون في النهاية نوع الزجاج المستخدم أو النظام الذي يتحكم بالواجهات بالاعتماد على الميزانية أو ربما تبعاً إلى مصدر المادة المستخدمة، في حين يتم اللجوء إلى المهندسين المختصين فقط في شؤون التخطيط الأكثر تعقيداً، بينما يبقى المعماريون صامتين في خضم الجدل الكبير القائم حول التكلفة المادية!

إقرأ ايضًا