لغات عالمية تنتشر بطلاقة في مقر تمدين العقارية

6

كونها من رواد التطوير العقاري في العالم العربي، لم يكن مستغرباً أبداً على الكويت احتضانها لمقر شركة تمدين العقارية، الذي ظهر بحلةٍ رائعة كانت وراءها شركة RTKL المعمارية، حيث تكلمت مكاتب الشركة لغات معاصرة… تقليدية… وعالمية في نفس الوقت.

تولت Yvonne Colacion، وهي نائبة رئيس شركة RTKL المعمارية، زمام الأمور في تصميم مقر الشركة، والغريب في الأمر أنه وحتى عام 2007 لم تطأ Yvonne Colacion قدماً في الكويت ولا حتى في أي بلدٍ عربي على الإطلاق، لتشهد السنوات الثلاثة المتتالية بعدها تنقلاتٍ لها بين مسكنها في لوس آنجلوس وضواحي الكويت العاصمة بهدف تصميم مقر تمدين العقارية، التي تُعتبر من كبرى شركات التطوير العقاري في الكويت.

فقد بدأ هذا المشروع تحت رعاية شركة RTKL المعمارية، والتي كانت قد أغرت Colacion بالانضمام إليها لإنشاء مجموعة تصميمٍ داخلي بعد أن عملت مع شركة Gensler المعمارية الشهيرة، حيث كان عليها تولي تصميم مركزٍ تجاري فخم قائم بحد ذاته يعلوه طابقان من المساحات المكتبية.

وهنا تعلق Colacion عن المشروع قائلةً: توجب علي الذهاب إلى الشرق الأوسط لإجراء دراسات مكثفة عن المشروع، واكتشفت بعدها أن هناك كيمياء احترافية تجمعني مع المدير التنفيذي.

ولكن بعدها جاءت الأزمة العالمية. وفي عام 2009 بعد أن أغلقت شركة RTKL المعمارية فرعها المختص بالتصميم الداخلي في لوس آنجلوس، طلبت شركة تمدين العقارية من Colacion القدوم إلى الكويت بسرعة.

لحسن الحظ لم يكن عليها الذهاب بمفردها، فقد تم التعاون ما بين فريق عمل استديو Colacion حديث العهد مع معماريي تمدين العقارية إلى جانب شركة SSH إنترناشينال المحلية لتصميم كل شيء ابتداءً من الهيكل. حيث تضمن برنامج العمل إضافة طابقٍ خامس يحتضن مركز مؤتمراتٍ دائري الشكل يليق بأعضاء شركة تمدين العقارية والبالغ عددهم قرابة الـ 200، والذين كانوا متوزعين سابقاً على ستة مواقع.

أما عن الطابق الرابع، والذي كان مخصصاً فيما مضى لأنشطة البيع بالتجزئة، فقد تم تكريسه كلياً للاستقبالات التنفيذية والإدارة العليا.

وهنا Colacion تعبّر عن رأيها المثير للدهشة والذي قد لا يوافق عليه الكثير من المعماريين، إذ تقول: لقد طرأ على البرنامج تغيرات عدة، وهذا ما كان ممتعاً وحماسياً.

إذ يبدو أن Colacion تحب التحديات والمغامرات، حيث لم يخلو هذا المشروع من التعقيدات والتحديات، فقد كان عليها أن توائم بين عدة عناصر؛ كالتصميم المعاصر وعناصر الثقافة العربية إلى جانب دمج بعض التلميحات لأسلوب عرض البيع بالتجزئة، الذي يعرض كل شيء ويجعله مكشوفاً تماماً، وهنا تؤكد Colacion على أهمية دمج كل هذه العناصر في المساحة الداخلية للمكاتب.

علاوةً على هذا وذلك، كان على تصميمها أن يدخل ضوء الشمس، والذي يعتبر من أقوى المصادر في بلدٍ كالكويت، كما كان على التصميم أن يركّز على إقحام العنصر الأخضر، والذي يعتبر من أثمن المصادر هناك أيضاً.

وفي تعليق لـ Colacion تقول: أثناء البناء من الأرض وصعوداً للأعلى كان من السهل حشر ملقفٍ كبير مع التأكيد على الملامح العربية التقليدية في النقوش التي تغطيه، للحيلولة دون قلي الناس.

أما عن الحياة النباتية، فكما هو متعارفٌ عليه، تحتاج كل صحراءٍ إلى واحتها الخاصة؛ لذا جاء الجدار الأخضر المميز ليعرف ويحدد منطقة الاستقبال في الطابق الأرضي، في حين يربط بصرياً جداران أخضران -موجودان في الردهة مزدوجة الارتفاع التي يعلوها الملقف الضخم- ما بين مستويات المؤتمرات والمساحات التنفيذية.

هذا بصرياً، ولكن مادياً تربط Colacion هاتين المنطقتين بوساطة درجٍ فخم من خشب الساج يكشف المداخل الأنيقة، في حين تخفي الشاحطَ العلوي من الدرج ستارةٌ معلقةٌ فريدة بمادتها الألومنيومية ونقشة أقراص العسل التي تعبّر عن الطراز المعاصر والتقليدي في آنٍ واحد، تماماً كجميع قطع الفرش التي تزين المكان بأكمله.

وبالحديث عن المفروشات، تزين منطقة الاستقبال التنفيذية سجادة بنية اللون بنقوشٍ إسلامية باللون العنابي تتربع عليها الكراسي الدوارة الأنيقة، إلى جانب الأرائك على شكل حرف L والمغطاة بالموهير الناعم الذي يخلق أجواءً فخمة تلائم تماماً الطاولة الأركليكية بأوجهها المتعددة والمسطحة، والتي جاءت كلها باللون الأبيض لتتماشى مع الأرضيات الجصية بلونها السكري، معطيةً ،وبشكلٍ عام حسب تعبير Colacion، إحساساً ناعماً ومنزلياً، تكمله الجدران المطوقة لغرفة مجلس الإدارة المجاورة، والتي تم إكساؤها بخشب الزيتون التقليدي، في حين تبقى المفاجأة الكبرى بالطاولة التي تعلوها طبقة من الغرانيت الذي يبدو وكأنما تم نثر أزهار الفاونيا عليه بأكمله.

وبعد هذه الأجواء المعاصرة بشدة، تتابع Colacion منطقة المؤتمرات بغرفها الأربع التي تطوق تراس السقف المتفرد بشلالي المياه المتدفقة فيه، حيث تبرز الغرف عن محيط التراس بشكلٍ يشابه توزع بتلات الورود، ولكن هذه المرة بكسوةٍ من الجص الأبيض أو ألواح خشب الساج الأفقية المضاءة بأضواء LED من الأعلى.

أما عن منطقة الطعام المخصصة لطاقم العمل، فتخرج هذه تماماً عن دائرة ألوان مركز المؤتمرات المحايدة، حيث تتفجر بلونها الأخضر التفاحي عارضةً رسوماً غرافيكية لبرنامج تمدين، إلى جانب نقوشٍ ثنائية الأبعاد تنعش الألواح الزجاجية المخرمشة المطوقة للمنطقة، وهنا تعلق Colacion قائلةً: أنا أعمل دائماً بتأثيرٍ إيجابي-سلبي، حيث تعتمد طريقة قراءة الرسوم الغرافيكية على الإضاءة الموجودة في المكان.

وتحتفي Colacion مراراً وتكراراً برسومها الغرافيكية الهندسية، ولكن هذه المرة باللونين الأبيض والأسود، حيث نراها على جانب أجزاء السقف المستعار المتدلي فوق مناطق المكاتب المجاورة، والتي تقطع فيها جزر فريق العمل الطويلة بحر محطات العمل الواسع.

وأخيراً، تتوزع لافتات كبيرة مزينة بكتاباتٍ باللغتين العربية والإنكليزية في باقي المناطق، في حين يبدأ المكان بالتكلم لغةً الأزياء العالمية بمنتهى الطلاقة بمجرد النزول إلى المستويات السفلى التي تزينها متاجر بيربيري وغوتشي وإيف سان لوران.

إقرأ ايضًا