متحف زايد الوطني جوهرة المنطقة الثقافية في جزيرة السعديات

10

في قلب جزيرة السعديات يتربع متحف زايد الوطني بعد أن قام رائد العمارة الإنشائية، السير نورمان فوستر بتصميمه، فبأبراجه الفولاذية الخمسة خفيفة الوزن سيبدو المتحف أشبه بأجنحة طيور حطّت وسط منظرٍ طبيعيٍّ مبهرٍ لتعكس وله الشيخ زايد بالطبيعة والصقور في آنٍ واحد، وبحمله اسم مؤسس دولة الإمارات العربية، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، سيتم إهداء المتحف لتاريخ وثقافة البلاد.

لقد تم تصميم الأبراج المشبّكة لتعمل كمدافئ حرارية تسحب الهواء البارد إلى المساحات السفلية لتقوم أنابيب تبريدٍ مدفونة هناك بتحرير الهواء المنعش ليملأ ردهة الدخول.

ومن الجدير ذكره هنا أن هذا المتحف هو أحدث إبداعٍ معماريٍّ سيتم الكشف عنه في المنطقة الثقافية في جزيرة السعديات، والتي تحتضن في أرجائها تحفاً فنيةً بتوقيع كبار معماريي العالم أمثال زها حديد التي قامت بتصميم مركز الفنون المسرحية هناك، وفرانك غيري الذي صمم متحف غوغنهايم في نفس الموقع، بالإضافة إلى جون نوفل الذي أبدع فرعاً لمتحف اللوفر، لينضم إليهم جميعاً متحف الحياة البحرية من تصميم العالمي تاداو آندو، حيث يتم العمل على جميع هذه المشاريع التي وبلا أدنى شك ستدفع بدولة الإمارات إلى مستوىً ثقافيٍّ جديد لم يسبق له مثيل.

وعن هذا الإنجاز تخبرنا شركة السير نورمان فوستر:

لقد اطلع كلٌ من فخامة الشيخ محمد بين راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء في دولة الإمارات العربية المتحدة وحاكم إمارة دبي، وجلالة الملكة إليزابيث ملكة المملكة المتحدة على تصاميم المتحف، وباعتباره نصباً تذكارياً للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات سيكون هذا المتحف جوهرة المنطقة الثقافية في جزيرة السعديات، حيث سيعرض تاريخ وثقافة الإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى التحولات الاجتماعية والاقتصادية الحاصلة مؤخراً فيها.

أما عن الهدف من التصميم المعماري فقد تمثّل في جمع الشكل المعاصر والفعال لأبعد الحدود مع عناصر من التصميم العربي التقليدي والضيافة العربية بهدف خلق متحفٍ مستدامٍ مضيافٍ وجديرٍ بمكانته الثقافية.

وباحتفاله بإرث ومحبة الشيخ زايد للطبيعة، تم وضع المتحف في أحضان منظرٍ طبيعيٍّ خلابٍ. وبناءً عليه تم إنشاء مساحات مخصصة للعروض لتقبع ضمن تلةٍ اصطناعية تفترشها المناظر الطبيعية المبهرة. في حين تتوضع صالات العرض عند قواعد الأبراج الحرارية الشمسية الخمسة، حيث تقوم هذه الأبراج بتدفئة الهواء لتصبح أشبه بمدافئ حرارية تسحب تيارات الهواء البارد طبيعياً إلى داخل المتحف.

هناك يتم التقاط الهواء المنعش عند مستوى منخفض، ليتم فيما بعد سحبه ودفعه باتجاه الردهة بواسطة أنابيب التبريد الأرضي المدفونة. أما عن الحرارة المتجمعة عند قمة الأبراج فتعمل على سحب الهواء نحو الأعلى بشكلٍ عموديٍّ عبر صالات العرض بالاعتماد على مبدأ التكدس الحراري، حيث يتم فتح منافذ التهوية الموجودة في قمة الأبراج الأشبه بالأجنحة بالاستفادة من الضغط السلبي المتركز على جانب الجناح المحجوب عن الرياح من أجل دفع الهواء الساخن نحو الخارج.

وعن تصميم الأبراج نذكر أنها عبارة عن كتلٍ فولاذية خفيفة الوزن تم نحتها بطريقةٍ إيروديناميكيةٍ لتعمل كريش أجنحة الطيور. وبما أن عشق الشيخ زايد بالصقور لا يخفى على أحد، تم استيحاء وربط فكرة المشروع بهذا الحب بشكلٍ واضح. حيث يتم التأكيد على هذه الفكرة من خلال إنشاء صالةٍ تم تخصيصها لهذا الموضوع حصراً كجزءٍ من التركيز الأكبر على المناقشة والحوار. كما تنفتح هذه المساحات الداخلية على ميدانٍ خارجيٍّ يكشف عن استعراضاتٍ حية مباشرة لصيد الطيور.

أما ولتحقيق توازنٍ مبهرٍ بين الكتل الفولاذية خفيفة الوزن والمساحات الداخلية الهائلة فقد تم تكليل صالات العرض بردهةٍ مركزيةٍ خلابةٍ مضاءةٍ من الأعلى تم حفرها في الأرض لتستغل خصائصها الحرارية وتربط بين المتاجر والمقاهي والمدرجات وأماكن التجمع غير الرسمية المخصصة لإلقاء الشعر وتأدية الرقصات.

وقد أشارت الشركة واصفةً المساحات الداخلية أنه قد تمت معالجة الضوء والظل بطريقةٍ حذرة، كما تم إقحام الفتحات في المبنى بكل حذرٍ لتلتقط وتوجه شمس الإقليم القوية بهدف إضاءة وإحياء هذه المساحات الداخلية التي تزينها المعروضات المتوضعة على أركانٍ وقواعد ترتفع بانسيابيةٍ من الأرض.

علاوةً على ذلك، يحتضن المتحف مجموعةً متنوعةً من مساحات التأدية والعروض؛ فعلى سبيل المثال يوجد مدرجٌ تكسوه مجموعةٌ من المنسوجات الإماراتية لتخلق أجواءً محفزةً لتأدية العروض والأفلام. أما عن الردهة فتحتضن أماكن أقل رسمية يمكن للجمهور فيها أن يلتقي ويجتمع في دائرة للاستمتاع بأجواء العروض التقليدية.

وعن المفهوم الداخلي للمطعم يحدثنا فوستر شارحاً أنه قد تم استقاؤه من روح الكرم والضيافة العابقة في الخيام البدوية بما فيه من مفروشاتٍ تم انتقاؤها بكل عنايةٍ. أما عن المجلس أو منطقة الشخصيات الهامة، فتنفتح على ساحةٍ مركزيةٍ لتقدم لضيوفها منظوراً فريداً من نوعه في أجواءٍ تقليدية، بما أنها المساحة الوحيدة في المتحف التي يمكن للزائر فيها أن يستمتع بمناظر مطلة على أبراج الرياح.

وأخيراً يقول السير فوستر: إنه لامتياز كبيرٌ لي أن أعمل على تصميم متحف زايد الوطني وأن أمضي قدماً برؤية الشيخ زايد بهدف إيصال شخصية الإمارات العربية المتحدة الديناميكية والمعاصرة. فقد عملنا على إنشاء مبنىً يكون قدوةً في مجال التصميم المستدام عاكساً حب الشيخ زايد للطبيعة وإرثه الأكبر.

من الجدير ذكره ختاماً أنه وفي الخامس والعشرين من شهر تشرين الثاني تم الاحتفال ببدء عمليات الإنشاء وذلك بحضور ملكة المملكة المتحدة، الملكة إليزابيث، وفخامة رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، مع الأخذ بعين الاعتبار أنه وفي ذلك التاريخ كانت المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن التصميم للعامة.

ترجمة وتحرير مي الصابوني

إقرأ ايضًا