تصميم أميريكي في السعودية ينال جائزة المعهد الأمريكي للمعماريين

9

بدايةً مع جائزة المعهد الأمريكي للمعماريين AIA لهذه السنة، والتي تُمنح فقط للتصاميم المعمارية الاستثنائية، فقد سلّمت إحدى جوائزها هذه المرة لإحدى المشاريع التي استطاعت الصمود أمام اختبارٍ زمني يتراوح بين 25 و35 سنة، والذي يجسد التميّز المعماري في أفضل صوره، حيث يتحتم على هكذا مشاريع أن تثبت التميّز في أدائها لوظيفتها على أكمل وجه، وفي مطابقة المشروع المنفّذ مع التصميم الأصلي، وأخيراً وليس آخراً مراعاة الجوانب الإبداعية ولكن بمقاييس اليوم.

فمشروع محطة الحجاج في مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة من تصميم فريق العمل في مكاتب شركة SOM المنتشرة في شيكاغو ونيويورك والتي صممت مؤخراً برج دبي أعلى أبراج العالم، سوف يستلم جائزة AIA Twenty-Five Year لعام 2010.

وبما أن ملايين الحجاج يمرّون كل عامٍ عبر هذا المعبر في طريقهم إلى مدينة مكة المكرمة لأداء شعائرهم الدينية، تم تصميم هذا المكان ليكون نقطة تجمّعٍ لمؤديي هذه الشعائر الدينية المقدسة كمخيمٍ يضم الحجاج لدى انتظارهم لبدء رحلتهم، وكنقطة مغادرةٍ وبوابةٍ لأكثر الأماكن الإسلامية قداسةً على الإطلاق.

وعلى الأرجح بأن محطة مطار الملك عبد العزيز هي الوحيدة من بين محطات العالم التي تراعي التقاليد الدينية والثقافية بالنظر إلى شكلها وعلاقتها مع المواقع ومخططات التوزيع، والتي تم ابتكارها لتستوعب المجموعات الكبيرة، فقد تم تقدير عدد الحجاج في عام 2009 بأكثر من مليونين ونصف، حيث يطغى عل تصميمها شكل الخيمة بوحي من خيام البدو وخيام الحجيج المنتشرة حول مكة في موسم الحج.

وتتألف المحطة من قسمين مستطيلين ومتشابهين تمّ فصلهما بواسطة مساحات خضراء مميزة، ويضم كل قسم من هذه الأقسام 105خيمة مصنوعة من القماش تمّ شدها وتدعيمها بكابلاتٍ وأعمدة فولاذية عالية، كما وتقوم هذه الخيام بترشيح الحرارة والسماح بدخول الضوء، إلى جانب خلقها مساحةً مفتوحة في الهواء الطلق يتجمّع فيها المسلمون من مختلف الأعراق قبل الذهاب مجتمعين إلى الأماكن المقدسة في مكة.

ولتحقيق هذا الهدف السامي، تمت الاستعانة بفريق العمل في شركة SOM الذي قام بتسليم المحطة التي تقبع على 120 فدان و 2,8 مليون قدم مربع في عام 1981، حيث شكلت المحطة تحدياً من نوع خاص بالنسبة لفريق العمل في الشركة العريقة، كونها استطاعت أن تدمج العمارة المحلية والهياكل المعاصرة البتكرة، ولكنها نجحت وبجدارة.

فقد قام مهندسي ومعماريي الشركة ومن ضمنهم Gordon Bunshaft و FAIA و Gordon Wildermuth و Fazlur ، بابتكار سقفٍ مصنوع من الألياف الزجاجية ذو شكلٍ مخروطي مغطى بنسيج التفلون، ليتمّ فيما بعد تدعيم السقف الذي يبلغ 147 قدم بواسطة كابلاتٍ وأعمدة فولاذية.

كما وقد تمّت الاستعانة بقوة الألياف الزجاجية لتدعيم المبنى، مما جعل السقف النسيجي المشدود يبدو وكأنه عنصرٌ هيكليٌّ، بالإضافة إلى كابلاته الفولاذية المشدودة بإحكام، لتكون النتيجة نظام هيكليٌ موحّدٌ تتحدى جميع أجزاؤه قوة الجاذبية الأرضية، والذي ما يزال منذ الانتهاء منه ذلك الوقت أكبر سقف نسيجي في العالم تدعمه الأسلاك الفولاذية.

ويعكس نظام السقف شبه الشفاف معظم حرارة شمس الصحراء، ولكنه يسمح للضوء في نفس الوقت بالنفاذ من خلاله ، ويحافظ على درجة حرارة تقترب من 80 درجة فهرنهايت، في حين يمكن أن تصل درجة الحرارة خارج الخيمة إلى 120 درجة، فقد تم تصميم المحطة بهدف الاستفادة قدر الإمكان من النسائم الطبيعية لتهوية وتبريد المساحة، كما وقد تمت إضاءتها في الليل حتى أنها تتوهج من بعيد مثل مصباح في سماء الليل.

إنها بالفعل “واحة” كما جاء على لسان لجنة تحكيم جوائز AIA في عام 1983، حيث تحطّ الطائرات بقوافل الحجاج على أرض المحطة بينما تنتظرهم الحافلات لتحلّق بهم إلى مكة من الجهة الأخرى من المحطة، أما وبموازاة هذه البقعة، سوف يمر الجاج بأقسام المطار الاعتيادية ابتداءً بأماكن استلام الحقائب والجمارك والهجرة وانتهاءً بالفحص الأمني وما إلى هناك.

وبالمضي قدماً إلى الأقسام الداخلية الكبيرة من المحطة، سوف ينتظر الحجاج من 24 إلى 36 ساعة قبل أن يترجلّوا من الحافلات المتجهة إلى مكة، ويُعزا ذلك إلى العدد الهائل من الوافدين في هذه الفترة القصيرة من الوقت، ومن منطلق هذه الحاجة لتنظيم هذه المجموعات الكبيرة من الناس، قامت SOMبتصميم المحطة على أن تستوعب 80,000 شخص في 36 ساعة وبمساحاتٍ شاسعةٍ مضاءةٍ بالكامل، بالإضافة إلى ابتكار مقاعد للاستراحة والقيلولة، وحفرٍ مخصصةٍ لإيقاد النار من أجل إعداد الطعام، إلى جانب المطاعم ومكاتب الاستعلامات والمصارف والمحلات التجارية.

فهي ليست المرة الأولى التي تتسلّم فيها محطة الحجاج في مطار الملك عبد العزيز جائزةً من هذا النوع، فقد حصلت في عام 1983 على جائزة الشرف الوطني من AIA وجائزة الآغا خان للعمارة في العام نفسه، بينما حازت في عام 1981 على جائزة العمارة المتقدمة، أما شركة SOM فقد أحرزت جائزة الخمسة وعشرين عام Twenty-five Year Award من قبل عن مشروع Lever House في نيويورك، وعن كنيسةAir Force Academy Cadet Chapel في كولورادو، بالإضافة إلى مركز John Hancock Center في شيكاغو، ومقر Weyerhaeuser Headquarters في Wash .

وأخيراً ومن ضمن الأعمال الفائزة بجائزة الخمسة وعشرين عام Twenty-five Year Award يمكننا أن نذكر Rockefeller Center في نيويورك و Taliesin Westفي Ariz و Vanna Venturi House في فيلادلفيا ومتحف Kimbell Art Museum في Fort Worth ومبنى East Building of the National Gallery of Art في واشنطن.

إقرأ ايضًا