نورمان فوستر داخل الحدود المغربية

5

من سواه رائد العمارة الإنشائية الذي دخل عالمنا العربي وإياه قلوبنا دون استئذان بمبانٍ وتصاميم وصروح معمارية لم تخلو أبداً من كل جديد ومبتكر في سياقٍ معماري عربي واضح.

هاهو السير نورمان فوستر يدخل الحدود المغربية بتصميمٍ أكثر من مذهل للبنك المغربي للتجارة الخارجية، حيث قام بتصميم مقرين لهذا المصرف في كلٍ من الرباط والدار البيضاء، بتصميمٍ من إطارٍ إسمنتي مسلح تطوقه الألواح الزجاجية اللماعة، التي تغطيها حواجز مصنوعة من الصفائح الفولاذية المقطوعة والمنحنية بنقوشٍ ونماذج متكررة مبهرة.

هذا من الخارج، ولكن ماذا عن الشعور المبهر الذي ينتابك بمجرد الولوج لردهة المبنى؟!!

تلك قصة كاملة بحد ذاتها؛ حيث تفرد مدخل المبنى مزدوج الارتفاع في كلٍ من المبنيين بمقعدٍ يرتبط بقبة السقف بواسطة شريطةٍ منزلقةٍ من الإسمنت المسلح. أما عن المكاتب وغرف الاجتماعات فقد توزعت على طابقين في المبنيين اللذين تم تنظيمهما بوساطة شبكةٍ موديولية تم تكرارها وتكييفها مع الموقع الذي يتبوّأه المشروع.

وفيمايلي تفاصيل من فوستر آند بارتنرز:

إن مشروع فرعي البنك المغربي للتجارة الخارجية هو أول مشروع لشركتنا في إفريقيا. فبافتتاحهما في الرباط والدار البيضاء مع فرعٍ مقبلٍ في فاس، سيكون هذا المشروع هو الأول من نوعه لفوستر آند بارتنرز في القارة الإفريقية.

تطوق المساحات الداخلية للبنك كسوةٌ تقليدية فعالة من ناحية استهلاكها للطاقة، حيث يقوم التصميم على نظامٍ موديولي يعتمد على المواد والحرف المحلية التي تهدف لخلق رمزاً جديداً مبهراً لـ BMCE.

أما عن المقاربة التصميمية فقد اتّبعت أسلوب التوجه نحو الأهداف بعناصر مصممة ومهندسة ومصنّعة مسبقاً، مع اختلاف وتنويع الألوان والأحجام تبعاً لموقع البنك، فكل مبنى من المباني المصممة يتمتع بنفس الإطار الإسمنتي والمدخل المزين بالأعمدة وسلسلة الخلجان المتكررة في شبكةٍ موديولية.

حيث تم تطويق الخلجان بألواح زجاجية وحواجز بعميق 200 ملم تؤمن التظليل والأمن المناسب للمكان. وقد تم قطع هذه الحواجز من صفائح من الستينليس ستيل -خليط معدني خاص لا يتأثر بالحرارة وأشعة الشمس- تم ثنيها لتخلق تصميماً هندسياً فريداً يقوم على النقوش الإسلامية التقليدية.

وعن استهلاك الطاقة فقد تم تصميم فروع البنك لتكون عالية الفعالية وتعتمد على المواد المحلية بشكلٍ خاص؛ كالغرانيت الأسود والحجر الجيري الرمادي. كما تتميز فروع البنك جميعها باستخدامها لتقنية “أنبوب التراب”، الذي يمثّل نظام تبريدٍ غير معتمد على الكهرباء، حيث يتم جذب الهواء بفضل هذه التقنية عبر أنبوب فارغٍ يطوق المبنى تحت الأرض حيث يتم تبريده طبيعياً بفضل التراب، ليتم فيما بعد إطلاقه ودفعه نحو مساحات المبنى.

وعلاوةً على هذه الطريقة المبتكرة في التبريد، كان لحضور القبة المبهرة تأثيراً هاماً في كلٍّ من فروع المصرف؛ حيث تشير بظهورها المتكرر إلى تصميم عددٍ من المدارس الجديدة في المغرب، والتي تلقّت دعماً خيرياً من مؤسسة البنك المغربي للتجارة الخارجية.

وعن داخل هذه القبة يمكننا القول أنه قد تم التوصل إليها باستخدام تقنية جصيةٍ محلية تدعى التدلاكت، في حين تم إكساء خارج المبنى بقطعٍ سيراميكية محلية أيضاً معروفة باسم زليج، وهكذا تنحدر القبة إلى داخل البنك خالقةً مقعداً نحتياً منحن.

أخيراً يبدو أن السير فوستر قد استطاع مرةً أخرى أن يثبت خبرته المعمارية العالية وقدرته على دمج أسلوبه الخاص بالأجواء العربية الإسلامية، فقد تمكّن وبكل جدارة من إعادة فهم عناصر العمارة المغربية التقليدية ضمن فراغات داخلية معاصرة تعكس منهجية المصرف التقدمية نحو عملائه، لينعكس هذا المزيج الفريد من المبادئ القديمة والتقنيات الحديثة في تصميمٍ فعالٍ في استهلاكه للطاقة؛ والنتيجة سلسلة من المباني المستدامة والفريدة، كل حسب موقعه.

إقرأ ايضًا