مقابلة حصرية مع القيّمة على الجناح الوطني للإمارات في معرض البندقية 2014

13

قام الجناح الوطني لدولة الإمارات في بينالي البندقية، الذي تتولى مؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان مهام المفوض الرسمي له، وبدعم من وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع بدولة الإمارات، بالمشاركة تحت عنوان “لئلا ننسى: معالم خالدة في ذاكرة الإمارات”.

ويعتبر هذا المعرض أول مشاركة للجناح الوطني لدولة الإمارات في المعرض الدولي للعمارة في بينالي البندقية. وذلك بتنسيق من قيّمة المعرض الدكتورة ميشيلبامبلينغ بالتعاون مع فريق بحث مكون من المهندسين المعمارين أدينا همبل وماركو سوسة والمستشارة حنان سيد ورل.

 

وقد قامت المعمارية بإجراء هذا اللقاء مع الدكتورة ميشيل بامبلينغ Michele Bambling القيّمة على المعرض والحائزة على درجة الدكتوراه في تاريخ الفن من جامعة كولومبيا وزمالة الأبحاث ما بعد الدكتوراه من متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك، والتي تقوم بتدريس تاريخ الفن والمتاحف في جامعة زايد وبعض الجامعات الأخرى في أبوظبي.

 

    1-    إرتكز مفهوم مشاركتكم في البينالي على التوثيق المعماري لعمارة المنطقة بشكل أساسي؛ وقد قسمتم الفترة المطروحة من قبل القيّم على البينالي المعمار ريم كولهاس ما بين عاميي 1914-2014 إلى أربع فترات: أولها كانت فترة فن العمارة التقليدية (1914- 1949)؛ ما هي أهم التقاليد المعمارية الأصلية التي وجدتموها أثناء بحثكم وتوثيقكم؟

.

كانت عناصر كعنصر العريش المحلي وأغصان النخيل والمنشآت المعمارية المرجانية كفوءة للغاية ومتجاوبة مع متطلبات نمط الحياة شبه البدوي. فقد كانت عمارة العريش متكيفة مع التغيّر الفصلي؛ حيث كانت ألواح العريش تنسج بإحكام وتلاصق في الشتاء حتى تحافظ على الدفء وتمنع تسرب الريح في حين تكون في الصيف مخلخلة مما يؤمن التهوية ويسمح بدخول النسيم. كذلك تمتعت المنشآت المرجانية أيضاً بأفضليات الحماية في الشتاء وإمتصاص الرطوبة في الصيف؛ وذلك من خلال توفير تأثيرات التكييف والتدفئة المتأصلة فيها.

 

    2-    من المعروف أننا في العالم العربي نفتقد في كثيرٍ من الأماكن التوثيق الدقيق والمنهجي خاصة حين يتعلق الأمر بالعمارة، ولكنكم بدأتم خطوةً هامة في هذا المجال؛ ما هي الصعوبات التي واجهتكم أثناء عملية التوثيق وكيف تقترحون بحسب خبرتكم إستمرار جهود التوثيق المعماري في العالم العربي؟

.

بما أنه لا يوجد مركز توثيق مركزي جاهز ومتوفر متخصص في توثيق المنشورات والوثائق المتعلقة تحديداً بالتاريخ المعماري في الإمارات؛ فقد كان التحدي الأولي هو البحث عن مصادر أولية وأبحاث ثانوية. حيث تضمن البحث من أجل المعرض تحري وتقصي المعلومات والسجلات من خلال مقابلة المعماريين والمهندسين والمخططين العمرانيين لمعرفة المزيد عن التاريخ المعماري والعمراني في الإمارات. بالتالي إستطعنا الكشف عن كم معتبر من المعلومات المهمة بما فيها الرسومات وسجلات الأبنية والصور وغيرها من الوثائق الأصلية ذات الصلة. كما أننا سجلنا كلام العديد من الأشخاص الذين يتذكرون مراحل مختلفة من التطور المعماري والعمراني في الإمارات بمن فيهم مؤرخون ومسؤولون حكوميون وقاطنون ومواطنون.

 

    3-    الفترات التالية بحسب تقسيمكم تضمنت فترة البنية التحتية والتنمية الحضرية 1950 ـ 1970، ومن بعدها فترة المباني الحديثة ما بين 1971-1994، ومن ثم فترة إستعادة الأحداث والإبتكار 1995-2014؛ ما الذي ميّز بحسب ما لاحظتموه “فترة المباني الحديثة” عن “فترة الإستعادة والإبتكار” وما الذي تمت إستعادته وما الذي تم إبتكاره؟

.

يعتبر العديد من المعماريين اليوم الفترة الحديثة من العمارة في الإمارات _ المرحلة التي تصادف سنوات الإتحاد والبناء_ مصدراً هاماً للإلهام بما يتعلق بالمقاربة المؤثرة ذات الوعي والحساسية البيئية والثقافية. توجد دروس أساسية يمكن تعلمها من الفترة الحديثة بما يتعلق بجوانب الإستجابة لدرجات الحرارة العالية والتعبير عن الهوية المحلية. ففي قسم المعرض “الإستعادة والإبتكار” تم عرض أمثلة كمبنى مؤسسة الشارقة للفنون مثلاً توضح إعادة الإستخدام التكيّفي على وجه التحديد.

 

    4-    هل هناك فترة تفضلونها عن غيرها من الفترات الأربع ولماذا؟

.

أنا مهتمة على وجه الخصوص بالإستمراريات المميزة للتصميم المعماري التي تمر بكل فترة من بدايتها حتى الآن. فهذا التماسك هو ما يؤسس ويعرّف التقاليد المعمارية الخاصة بالإمارات.

 

    5-    يمكن بسهولة ملاحظة المكاسب التي حصلت عليها الأمارات من خلال تبنيها للعمارة العالمية؛ فهي على سبيل المثال، أصبحت وجهة عالمية للسياحة والإستثمار؛ لكن السؤال من وجهة نظرك كمعمارية وأستاذة في تاريخ الفن وبناءً على التصنيف الذي قمتم به في البينالي، ماذا الذي خسرته الأمارات من توجهها المعماري هذا؟

.

تمثل العمارة من حول العالم تجلياً للطريقة التي يصمم بها الناس وينشؤون الفراغات التي يشغلونها في أماكن وأزمنة مختلفة. وتعتبر العمارة في مدن العالم كله محدداتٍ هامة للهوية الثقافية. فالأبنية التي تمثل طرز فتراتٍ مختلفة تضفي نسيجاً وأهميةً لللاندسكيب العمراني. كما تشكّل المباني التاريخية آثاراً هامةً لتاريخ أي أمة. وأعتقد أنه في الإمارات يجب أن يتم تذكر طبقات تاريخها من خلال الوجود المادي لإرثها المعماري الحديث والمحلي.

 

    6-    شاركت وتشارك كل يوم أسماء عالمية مشهورة في عالم العمارة في إثراء المخزون المعماري والإنجازات المعمارية في الإمارات أمثال نورمان فوستر وزها حديد وآروب وغيرهم الكثيرون؛ لكن هناك سؤال يطرح نفسه لماذا لا نشهد زخماً مساوياً على الأقل في مشاركة المعماريين المحليين في بناء بيئتهم من وجهة نظركم؟

.

بدأ هذا الأمر بالحصول مع بدء الأجيال الأولى من المعماريين الإماراتيين المدربين بإكتساب التدريب المتقدم وخبرة العمل الجاد المطلوبين من أجل تنفيذ مثل تلك الإنجازات المعقدة والراقية. فبرامج التخرج في العمارة والهندسة لا تزال جديدة نسبياً بالنسبة لهذا البلد كما هو حال ممارسة العمارة والتخطيط العمراني المعاصرين بين السكان المحليين.

 

    7-    تلعب المؤسسات المرموقة مثل المؤسسة الراعية لجناحكم مؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان دوراً فاعلاً في تحويل الأفكار الخلاقة إلى واقع ملموس؛ كيف لمستم هذا الدور؟

.

حتماً؛ فمؤسسة سلمى بنت حمدان آل نهيان هي واجهة الفنون والمبادرات الثقافية والتراثية في الإمارات. وقد لعبت رؤية وإلهام القيميين دوراً هاماً للغاية في تحويل معرض “لئلا ننسى: معالم خالدة في ذاكرة الإمارات” إلى واقعٍ ملموس.

 

    8-    قام جناحكم بالتوثيق والتصنيف والعرض ما هي الخطوة التالية؟ بمعنى إلى أين ترون العمارة في الإمارات تتوجه من بعد المعرض؟ وما الذي قدمه المعرض لواقع العمارة في الإمارات؟

.

أتوقع أن العمارة المعاصرة سوف تستمر في الإنشاء على مقياسٍ كبير في الإمارات. وأتمنى أن يتم توجيه الضخ الهائل للمصادر المتوفرة للمنشآت الجديدة أيضاً نحو الحفاظ على الأبنية الهامة المتبقية من الإرث الحديث في الإمارات كلها. من هنا أؤمن أن المعرض قد قام بزيادة الوعي بأهمية التوثيق والحفاظ على هذا الأبنية الحديثة والأساسية. وهو بتقديمه كأرشيف للمخزون المحلي والإحترافي يشكّل أيضاً الأساس لمصدرٍ متنامٍ للتاريخ المعماري والهندسي والعمراني.

إقرأ ايضًا