الأهرامات- سرٌّ لا ينتهي

13

تعد الأهرام مقابر ملكية كل منها يحمل اسم الملك الذي بناه وتم دفنه فيه بعد موته، والبناء الهرمي هنا هو مرحلة من مراحل تطور عمارة المقابر في مصر القديمة، والتي بدأت بحفرة صغيرة تحولت إلى حجرة تحت الأرض ثم إلى عدة غرف يعلوها مصطبة وبعد ذلك تطورت لتأخذ شكل الهرم المدرج بواسطة المهندس ايمحوتب وزير الفرعون زوسر في الأسرة الثالثة.

والهرم موجود في جبانه سقارة، وتلا ذلك محاولتين للملك سنفرو مؤسس الأسرة الرابعة لبناء شكل هرمي كامل، ولكن ظهر الهرمين غير سليمي الشكل، وهما يقعان في دهشور أحدهما مفلطح القاعدة والآخر اتخذ شكلاً أصغر بعد نصف الحجم، واستطاع المهندس هميونو مهندس الملك خوفو أن يصل للشكل الهرمي المثالي، وقام بتشييد هرم خوفو بالجيزة على مساحة 13 فدان وتبع ذلك هرمي خفرع ومنقرع.

هرم خوفو هو أكثر آثار العالم إثارةً للجدل والخيال، والوحيد من عجائب الدنيا السبع الباقي إلى الآن، روج الكثيرون حوله الكثير من الأساطير والروايات، فأشاع البعض أن ساكني قارة أطلنطس المفقودة هم بناة الأهرام، وافترض البعض الآخر أن عماليقاً من تحت الأرض صعدوا لبناء هذا الهرم، وزعم آخرون أن الهرم قد بني بواسطة السحر، أو أن كائنات فضائية نزلت من الفضاء وقامت ببنائه، والكثير الكثير من الروايات التي تدل على مدى إثارة وغموض هذا البناء المعماري الضخم.

بناه المهندس المعماري حم ايون كبير المهندسين في عصر خوفو، الارتفاع الأصلي كان 149.4م، والارتفاع الحالي هو 137م، وطول كل من جوانبه 230م، وزاوية ميله حوالي 50- 51ْ.

الهرم بني من الحجر الكلسي، وهو نفس الحجر الأصلي للمكان. الممر الداخلي وغرفة الدفن العليا -التي تحوي التابوت الحجري- بنيتا من الغرانيت الأحمر الوجه الخارجي من الحجر الكلسي. الهرم بني من 2.300.000 كتلة حجرية متوسط وزنها بين 2.5 إلى 15 طناً. استغرق بناء الهرم عشرين عاماً.

لكن التصميم الأصلي لمجموعة الهرم تتألف من: معبد الوادي، رصيف الصعود، الذي يصله بالمعبد الجنائزي في شرق الهرم، وأخيراً الشكل الهرمي للمقبرة. في شرق الهرم وجد ثلاثة أهرامات صغيرة لزوجات الملك، ووجد أيضأ مقابر كثيرة لأفراد الأسرة الحاكمة والموظفين الكبار على كل من غرب وشمال وشرق الهرم، وعلى المساحة الخارجية الجدار المرفق، الذي لم يظهر منه سوى قاعدته.

المدخل يقع في الشمال على ارتفاع 20 متراً عن مستوى الأرض, وهذا المدخل مغلق والمدخل الحالي تم عمله في عهد الخليفة المأمون لكي يدخل الى الهرم ومازال مستخدم للآن في الدخول.

يحتوى على سطح يؤدي إلى دهليز الذي يؤدي إلى غرفة تحت الأرض، على عمق 105 متراً. أي أنهم حفروا في الصخر تحت الهرم لمسافة 105 متر، وبنوا غرفة لم يعرف للآن سبب بناء هذه الغرفة.

رصيف الصعود طوله 38 متراً وارتفاعه متر واحد، يقود إلى ممر يمتد 35 متراً على ارتفاع 1.75 متراً الذي يصعد إلى الغرفة الثانية في الهرم. الغرفة الثانية صنعت من الحجر الكلسي أبعادها 5.20 م×5.70 م، وارتفاع أعلى نقطة من السطح 15 م، على الحائط الشرقي من الغرفة فتحة تؤدي إلى ممر محجوب وتتصل مع غرفة الدفن العليا بدهليز.

في بداية الممر العرضي يجد رواق أبعاده 47 م في الطول، و8,50 م في الارتفاع مع سقف مدرج.

في وسطها يوجد دهليز منخفض 60سم، أطرافه أعلى من مستوى أرضه. هذا الدهليز يوصل إلى غرفة الدفن بممر طوله 8.40 م وارتفاعه 3,14 م ومعه ثلاث فتحات. الغرفة تحتوي على تابوت جرانيتي للملك، وغرفة الدفن سقفها مكون من تسع بلاطات جرانيتية عملاقة وزن كل واحدة منها أكثر من 70 طن، وهي مجلوبه من محاجر أسوان الجرانيتية.

وعلى الجدارين الشمالي والجنوبي يوجد فتحات للتهوية وتوصل للقسم الخارجي من الهرم. فوق سقف غرفة الدفن يوجد خمس غرف جرانيتية.

تم تشييد الأهرامات كلياً من الحجارة، وكان الحجر الجيري محلياً. تستخرج المواد المفضلة للجزء الرئيسي من هذه الأهرامات، في حين أن أعلى جودة من الحجر الجيري محفور في تورا (قرب القاهرة) حيث كان يستخدم في الغلاف الخارجي الجرانيت والأحجار قرب أسوان، وكان لبناء بعض العناصر المعمارية، بما في ذلك المشبك الحديدي (نوع من البوابة) وأسقف وجدران حجرة الدفن، من حين لآخر، وتستخدم الجرانيت كان في الغلاف الخارجي أيضاً، كما هو الحال في هرم منقرع.

أهرمات مصر من أقدم عجائب الدنيا السبع، وقد امتلأت ممراتها ومقابرها في يوم من الأيام بممتلكات الملوك التي لا تقدر بثمن، والتي دفنوها معهم حتى يستعملوها في الحياة الأخرى على حد زعمهم.

وقد نهبت كنوز الأهرمات منذ آلاف السنين ولا زالت الاكتشافات متواليه إلى الآن. إلا أن هناك من الاكتشافات ما لا يقدر بثمن الذي يدل على مدى عمق التفكير العلمي والهندسي في بناء الأهرام، ومنها ما يدل على صدق العقيدة والاهتمام بالحياة الآخرة.

فلو اهتم القدماء ببناء عمارة للاستعمال لما بقي ‏لنا من موروثهم شيئاً، لكنهم فضلوا التضحية من أجل البقاء. لقد كلف بناء الأهرامات المصريون القدماء الكثير “‏اجتماعياً، اقتصادياً وتقنيا” كل ذلك من أجل الخلود.

*الأهرامات ارتبطت بالاتجاه نحو الغرب ( النهاية ) وإستعمال الطوب في الحياه الدنيوية، لأنها زائلة بتدرج الهرم من الأغنياء إلى عامة الشعب.

لقد كان للعقيدة الدينية تأثيرها الكبير على العمارة المصرية فإيمان المصري بحياة ما بعد الموت حياه أبدية خالدة جعله يشيد منشآت الحياة الأولى المؤقتة من مادة لا تقاوم عوامل الزمن كالطوب اللبن لأنه سيعيش فيها لفترة مؤقتة؛ ولهذا يلاحظ أن ما تبقى من منشآت دنيوية قليلاً جدًا إذا ما قورنت بالمنشآت الدينية التي شيدها المصري القديم من الحجر لتكون لها صفة الدوام.

عاش المصري القديم وهو يعلم أن الحياة الدنيا هي الحياة الزائلة فلم يهتم بالخامة في بناء المنازل التي يعيش فيها بقدر اهتمامه بقوة ومتانة المقابر التي يدفن فيها، فكان لذلك واسع الأثر في ترحيبه بالحياة الآخرة والنعيم الذي لا يزول، ونجد ذلك في المخطط للمسقط الرأسي لهرم خوفو، حيث يتخذ من الخطوط الرئيسة فيه يأخذ نسب رجل يجري إلى أسفل للدخول في باطن الأرض بسرعة وشوق للنعيم الأبدي.

وبرغم من ذلك لم ينسى خوفو أنه الملك، فأخذ معه التاج الذي يوجد في حجرات الدفن أعلى الهرم التي تأخذ في المستوى الأفقي تماماً بدون أية ميول لقوة ملكة.

إقرأ ايضًا