من المعروف عن دار صك العملة في سان فرانسيسكو San Francisco Mint وهو البناء المعروف باسم سيدة الجرانيت The Granite Lady بأنه أحد أهم المعالم التاريخية في المدينة، وأحد الأبنية القلائل التي صمدت بعد الزلزال والحريق المدمر الذي أصاب المدينة عام 1906.
بعد توقف المبنى عن تأدية عمله الرسمي؛ دارت حوله الرؤى لإعادة استخدامه وأفضلها تلك الرؤية التي يوحي بها شكله ليكون بمثابة المُحيي الجديد للمدينة كمتحفٍ ومركز استقبالٍ في سان فرانسيسكو. وبهذا تصبح دار صك العملة بمثابة معبرٍ إلى الخليج تُعبر عن غنى المدينة بالمواقع الثقافية والحيوية.
وقد أدرك فريق العمل من المصممين في شركة HOK أهمية الكشف عن النسيج الحقيقي للبناء الذي غطاه الدهر وعوامله حتى طمس معالمه على مدى عقودٍ من الزمن، بالإضافة للاهتمام الجم بإظهار المكانة التاريخية للبناء وما يمتلكه من معايير استدامة.
إذ أن البناء هو أنموذجٌ للتصاميم المستدامة. فهو مفعمٌ بالإضاءة والتهوية الطبيعية بصورةٍ غير مباشرةٍ ويستفيد من الكتلة الحرارية التي يضمها رغم حجمه الهائل. حتى أنه يُسخر النوافذ والفناء المركزي في إشباعه بالضوء والهواء وتعديل الحرارة في البناء.
ولكن الآن سيتم الآن التدخل في بنيته لإعادة تحديثه وترميمه ليصبح متحفاً ومركز استقبالٍ مع الحفاظ على استدامته وميزاته التاريخية. ومن أهم السمات التي سيتم الحفاظ عليها هي مسامية بنائه وانفتاحه على البيئة. وتتنوع طرق التعامل مع عوامل الجو والمناخ داخل البناء حسب تقطيعاته إذ يتنوع مخططه مما يؤدي لتنوع البيئات داخله.
تعمل هذه التدخلات بمثابة الوسيط بين البيئة الخارجية والمساحات الداخلية التي تتطلب درجاتٍ متنوعةٍ من التحكم لتحقيق الأجواء المريحة. وأهم اللمسات التي أضفاها فريق التصميم كانت على سقف المبنى. إذ انتصب كمظلةٍ زجاجيةٍ مُشعةٍ تُغطي الفناء التاريخي وسط البناء. مع الأخذ بعين الاعتبار طبعاً عناصر الاستدامة والعملية حيث تجمع المظلة مياه الأمطار والضباب في زواياه لاستخدامه في ريِّ حدائق السقف.
ولا ننسى أن هذه الحدائق نفسها هي أماكنٌ مخصصةٌ للتجمعات، حيث نجدها لمسةً عصريةً تمت إضافتها للمبنى في الوقت الذي أضفت على البناء بعض السمات الصديقة للبيئة فغيّرت من شكله وشكل المدينة إلى الأفضل. إن لهذه الحدائق أهميتها العظيمة في أنها ستكون أماكن تستوعب الأحداث الكبرى وتصل بين الشرفات الحالية والمساحات الخضراء الجديدة.