آثار الأزمة العالمية على الشركات المعمارية في أمريكا

2

الأجواء الضبابية تخيم جزئياً والظلام ينتشر، لكن الغيوم ستتبدد قريباً لتسمح لضوء الشمس بالتسلل مبشراً بتوقعات لطقسٍ أفضل.

هذا هو الوصف الجوي للمناخ المعماري في الساحل الغربي في أمريكا، حيث وبعد عامين من الركود وتسريح الموظفين، هاهي بعض الشركات المعمارية تعود لتوظف المزيد لديها وإن كان بأعدادٍ قليلة ومحدودة، كما يتم الآن التحضير لإكمال الأعمال التي كانت عالقة فيما مضى، لتعود الآن ويتم العمل فيها من جديد.

فحسب ما جاء عن لسان أحد كبار الشركاء في شركة جونسن فين ومقرها لوس آنجلوس “نحن متفائلون بحذر, ففي الوقت الذي مايزال فيه مجال البناء المحلي ضعيفاً, نتلقى في هذه الفترة العديد من الاتصالات من عملاء أمريكيين ممن لم يعودوا قادرين على تأجيل العمل لمدةٍ أطول بعد الآن.”

ففي عمق الأزمة العالمية قامت شركة جونسن فين بتقليل عدد موظيفها بشكلٍ كبير, لتعتمد على 43 موظف بعد أن كانت تحتضن في مكاتبها ما يقارب المئة, ولكن هنا تجدر بنا الإشارة إلى أنها الآن قد عادت لتزيد عدد موظفيها ليصبح حالياً حوالي 55 موظفاً.

وفي الوقت الذي كانت فيه مشاريع التخطيط العمراني وتلك السكنية في الصين وتايوان تشكل مصادر رئيسة للعمل في جونسن فين، تأخذ الشركة على عاتقها في الوقت الحالي العمل في مشاريع تخطيط محلية؛ كمشروع همسي فير بارك في سان أنتونيو في ولاية تكساس، وغيرها من مشاريع أبنية الجامعات في لوس أنجلس.

أما في تصريحٍ للشريك الأكبر في شركة Lorcan O’Herlihy المعمارية، دوني شميدت فيقول “لم ننته بعد من الأزمة, لكنني سعيد لرؤية أمريكا تعود للحياة مجدداً.” حيث تم حالياً التوقيع مع معماريَين استشاريين للمساعدة في مشاريع المكتب الجديد والمشاريع السكنية الأخرى, بينما يلوح في الأفق مشروع لمبنى مختلط الاستخدام وخطة لمنتجع في هاواي.

لابد من الإشارة هنا إلى وجود عددٍ كبيرٍ من المعماريين غير الموظفين ممن هم بحاجة للعمل, حيث وبمجرد إعلان شركة Lorcan O’Herlihy المعمارية عن حاجتها لموظفين على موقع Archinect.com الالكتروني في كانون الثاني, تلقت إدارتها حوالي 350 سيرة ذاتية في اليوم الأول، من مجموعةٍ من المعماريين الذين تراوحوا ما بين خريجين حديثين ومعماريين كبار بخبرةٍ تتراوح من عشرين إلى ثلاثين سنة، وهذا ما علق عليه شميدت بأنه لم ير شيئاً من هذا القبيل قط.

وبالنسبة لشركة كليف ويلكنسن ومقرها ويست هوليوود، فقد كان للأزمة أثراً كبيراً عليها؛ حيث دفعتها لتنويع نطاق عملها الذي اقتصر فيما مضى على تصميم بيئات العمل، ليتحول الآن ويشمل تصميم حرمٍ منفصل في حرم جامعة سانتا مونيكا للإعلام وبرامج التكنولوجيا، والذي تضمن ثلاث أبنية ومرآب ليكون إحدى أكبر المشاريع الحالية على الإطلاق.

كما دفعت الأزمة هذه الشركة للعمل على مستوىً دولي؛ كتصميمها لمكاتب تتسع لثلاث آلاف موظف في مبنى مصرفٍ من عشر طوابق في سيدني أستراليا. فمع كل ذلك استطاعت الشركة ذات الثلاثين موظف أن تحد من تسريح الموظفين ليقتصر على إثنين فقط، مع توظيف ست أشخاص في الأشهر الستة الماضية.

أمر آخر يدعو للتفاؤل هو ارتفاع معدل الإعلانات الموضوعة على موقع Archinect الباحثة عن معماريين؛ حيث تم الإعلان عن ثلاثين فرصة عمل من شركات في كاليفورنيا الجنوبية في شهر كانون الثاني فقط، ليتضاعف العدد في تشرين الثاني, وتعقيباً على ذلك تقول Nicci Solomons، المديرة التنفيذية في المعهد الأمريكي للمعماريين، بأن معدل الإعلان عن طلب موظفين في موقع مؤسستها الرسمي أيضاً في تصاعدٍ مستمر, ففي أسوأ أوقات الأزمة تم الإعلان عن ثلاث فرص عمل، ولكن الآن يتضاعف العدد ويزيد عن ذلك، فهذا إن دل على شيء فإنما يدل على انتعاش الحالة العامة، ويؤكد أن هنالك طريق طويل أمام المعماريين في أمريكا وعليهم أن يسلكوه.

أما في حديثٍ لكينيث لويس، رئيس شركة AC Martin ومقرها لوس أنجلس، فيصرح بأن الاقتصاد في كاليفورنيا الجنوبية سيبقى رهن العديد من التساؤلات, وأن شركته لها حصة كبيرة في مجال مشاريع التعليم العالي, إلا أن مشاكل ميزانيات الدولة من المحتمل أن تعرقل عمليات الإنشاء في الجامعات العامة.

وكباقي الشركات، يجد لويس أن المشاريع السكنية المخصصة للعديد من العائلات, ومشاريع تجارة تجزئة إلى جانب مشاريع إعادة الاستخدام التكيفية ستعود بقوةٍ محلياً وتنشط عمليات التوظيف بشكلٍ أكبر. أما عن عدد موظفيه فقد انخفض من حوالي مئة موظف ليصبح الآن سبعين، وذلك بفضل مشاريع كمشروع تجديد قاعة المحكمة المركز المدني في لوس آنجلوس، بالإضافة إلى العمل على فندق ويلشاير المقترح وغيرها من مشاريع المكاتب والأبراج السكنية في قلب مدينة لوس آنجلوس.

وفي وصفٍ لحال شركة فاليريو المعمارية ومقرها لوس أنجلوس أيضاً، فهي شركة تتألف من 25 موظف مختصة في المشاريع التجارية وتصاميم المطاعم، وقد أدى فيها تنامي الأعمال إلى تنامي الطلب على موظفين، حيث تم توظيف خمس أشخاص خلال الأشهر الستة الماضية.

في الوقت الذي خفضت فيه شركة نادل المعمارية ومقرها غربي لوس أنجلوس، أعداد الموظفين من 200 إلى100 موظف في السنة الحالية, لتقوم فيما بعد بإعادة توظيف ثماني أشخاص في الأشهر القليلة الماضية, ليساعدوا وبشكلٍ رئيس بالعمل في المشاريع الدولية كمركز المؤتمرات والرياضة في داليان في الصين.

من الجدير بالذكر ختاماً أن الشركة قد عملت محلياً على مشاريع مساكن إيجار للعائلات, كما بدأت باستلام مجموعة من المشاريع من العملاء.

فحسب رأي باتريك وينترز، مدير الشركة: تشير الدلائل إلى نشاطٍ أكبر في القريب العاجل, لكنه لم يثمر حتى الآن.

ما علينا سوى الانتظار لنعرف النتيجة…

إقرأ ايضًا