كوريا تُثبت بأن الأرض مركز الطاقة

7

بالعمل على خلق معلمٍ معماريٍّ جديدٍ يضم إدارة مركز KEPCO مؤسسة الطاقة الكهربائية بكوريا، تم تجاوز الهدف الأول إلى خلق بيئةٍ متكاملةٍ اجتماعياً وترفيهياً وكبيئة عملٍ حيويةٍ أيضاً. فبعد منافسةٍ أجرتها KEPCO فاز مشروع “مدينة ملاهي الطاقة الخضراء” أو GREEN ENERGY THEME PARK من تصميم شركة H Associates بالمركز الثالث ليضم مكاتباً على مساحة 120,000 متر مربع بالإضافة لمرافق اجتماعية وثقافية وترفيهية لتُبنى في مدينةٍ قرب Naju بكوريا الجنوبية.

للمشروع رمزيته بأنه يدل على أن “الأرض مركز الطاقة” بخلقه مجموعة شقوقٍ في الأرض ينبثق منها الضوء والطاقة. وبهذا فإنه بدل الاعتماد على وجود البرج ليخلق التميز في المشروع، تم العمل على أن تكون الأراضي والمساحات الطبيعية هي العامل الرئيسي للتميز، فربطوها بالعمارة بعلاقةٍ ديناميكيةٍ غيرت من شكل الموقع بأكمله بظواهر طبيعية مرئية تجسد دورها الجديد كمركزٍ لإنتاج الطاقة وإدارتها.

دوناً عن كون المشروع بالدرجة الأولى تابعاً لإدارة مؤسسة الطاقة الكهربائية بكوريا سيخدم المجمع كمدينة ملاهٍ خضراء موضوعها الطاقة تُتاح لعامة الناس وتزيد من وعيهم تجاه قضايا الطاقة الحرجة في أيامنا هذه. كما نُسجت فكرة الحديقة مع تصميم مساحاتٍ عامةٍ حيوية ومخططات لمعارض مفتوحة، بالإضافة لمرافق ترفيهية وأجنحةٍ تفاعليةٍ لتخلق أجواءً حماسيةً من السحر والمتعة بالإضافة إلى الارتباط والاكتشاف.

كانت من أهم أهداف المشروع الدفاع عن الاستدامة واستحضارها في التصميم باستخدام استراتيجياتٍ مباشرةٍ وأخرى غير مباشرة ومصادر طاقةٍ متجددةٍ تم دمجها في الموقع. من الاستراتيجيات الشمسية نجد أن المصمم دمج حقلاً كبيراً من الألواح الشمسية بالساحة المخصصة لركن السيارات في الموقع. بالإضافة للخلايا الضوئية وأدوات التظليل التي تم تزيين واجهة البرج بها.

أما الاسترتيجيات المعتمدة على الهواء فتتضمن سلسلةً من التوربينات تعتمد على الرياح الغربية التي تهب على الموقع. إذ تعمل مصادر الهواء على تحديد الشكل المعماري للموقع، ناحتةً أرضية المشروع بطريقة تبدو وكأنها “وادي الرياح” لتستفيد من كامل طاقة الرياح حتى أقصى درجةٍ ممكنة.

وبشكلٍ طبيعي يتجه الهواء القادم من وادي الرياح إلى قاعدة البرج حيث تُلتقط كتلة الهواء بواسطة مظلاتٍ ذات تراكيبٍ قويةٍ تحيط بنقاط التقاء الوادي. ثم يُسحب الهواء إلى فناءٍ مشمسٍ يلتف على كامل ارتفاع البرج مُضاعفاً التهوية غير المباشرة للبناء بالتأثر باختلاف درجات الضغط.

كما تقوم على أرض المشروع أيضاً مرافق تكرير الماء وتنقيته، في حين تقوم ساقية بيئية وبركة مائية بتصريف وتوجيه المياه الفائضة، بالإضافة إلى تضمين أنظمة التكييف الحرارية الأرضية داخل نطاق محيط المشروع لتقليل حمل التبريد والتدفئة.

تتحدى استراتيجيات الموقع أرضية منصة البرج المعزولة التي تسيطر على تضاريس مجمع المكاتب الحالي مما يقلب معايير الخطة لخلق تنظيمٍ مركزيٍّ أشبه بالحرم، بأبنيةٍ متوزعةٍ ومنتزهاتٍ عامةٍ حيوية.

تتميز خطة المكان بدلاً من أن تكون منعزلةً ذات مساحاتٍ منغلقةٍ إلى أن تصل حتى مركزها، بأنها منفتحةٌ تخلق مساحاتٍ عامةٍ تضج بالصخب والحيوية حتى قلب الموقع، حيث يمكن منه الوصول إلى كل المرافق العامة. تعزز استراتيجياتٌ كهذه فكرة أن الحدود بين المساحات العامة وتلك المؤسساتية لابد وأن تُزال لتعم المكان روح التعاون والتبادل.

أما داخل البرج، فيربط فناءٌ مخصصٌ كموزعٍ للحركة بين الطوابق بسلّمٍ سريعٍ يسهل حركة العاملين في المبنى، ويخدم بكونه فسحة تنفسٍ للبناء فيزوده بالهواء والضوء. وكلها استراتيجياتٌ تضمن الراحة والحيوية الاجتماعية في المكان دوناً عن إنعاش بيئة العمل فيه.

منذ عقدين من الزمن وكوريا تحاول دمج مبانيها الحكومية وتلك المؤسساتية بمرافق عامة وأسواق ومسارح وأنديةٍ رياضيةٍ لتخلق روح التآخي والتعاون بين أفراد المجتمع، أو بين حياة المرء وظيفياً صباحاً وحياته اجتماعياً مساءً. وها هي تحقق ذلك بخطواتٍ ثابتة مع كل مشروعٍ أو بناءٍ جديد.

إقرأ ايضًا