عند أخذ صورة من الأعلى للمنطقة التاريخية في مدينة Ubrique في إسبانيا، نلاحظ أهمية الفناء في التاريخ العمراني لهذه المدينة، فهي تظهر بكثرةٍ في الأماكن القديمة في المنطقة الجنوبية من المدينة لما لها من دورٍ كبير في حماية الناس من الطقس الحار.
وبناءً على هذه الأهمية، تم تقديم طلبٍ لتجديد مبنىً قديمٍ في ساحة Colon مع التأكيد على المحافظة على هويته التقليدية، حيث قام المصمم Julio Barreno بتعهد مهمة إعادة التجديد هذه التي ستخصص الطوابق العليا من المبنى للجناح الليلي، في حين يبقى الطابق الأرضي للجناح النهاري.
وبدايةً مع واجهة المبنى، قام المصمم بعملية تنظيفٍ وكشطٍ للزخارف القديمة التي كانت قد أضفت على المبنى شيئا من القذارة مع مرور الوقت، فقد حاول هذا الفنان المبدع جعل المبنى يبدو بسيطاً باستخدام عنصرين أو ثلاثة فقط من الواجهة الأصلية، أي النوافذ الخشبية والشرفات، مع المحافظة على قضبانها الحديدية القديمة، بالإضافة إلى رقم المبنى الموجود فوق المدخل الرئيسي.
وبالحديث عن اللون المستخدم في طلاء الواجهات، فإن المبنى يتبع كجميع أبنية مدينة Ubrique سياسة اللون الأبيض التي تُعتبر إلزامية من قِبل السلطات، وقد استفاد المصمم من هذا الأمر بهدف إدخال الطابع التقليدي على التصميم الحديث لهذا المبنى، حيث بالإمكان لهذه الرموز التقليدية المجازية إضفاء لمسة من الحداثة على رمز المدينة الجديد هذا.
أما الفناء في مبنى Ubrique فتلك حكايةٌ أخرى، فمن المتعارف عليه هذه الأيام بأن الفناء يمثل الطبيعة والعنصر الأخضر في أي مبنى، وهنا في هذا المشروع يُعتبر الفناء أصل التصميم والعنصر الرئيسي الذي تأتي باقي العناصر لتكمله، ولهذا السبب تم استخدام الخشب لتصميم النوافذ التي تعطي الفناء إحساساً لامتناهٍ وتضفي لمسةً من لمسات الطبيعة، إلى جانب درجات السلم التي تربط الطابقين الأول والثاني من المبنى.
ومن الجدير بالذكر أن المصمم نفسه Julio Barreno قد قام بتصميم الأرضية باستخدام التربة المختلطة ومن ثم قام بإكسائها برخام بلون البيج، والسقوف أيضاً تم تصميمها بوحيٍ من الطبيعة وبالأخص من الأشجار، حيث تغطي هذه السقوف عدة مناطق من الداخل، إحداها تتحكم بالمساحة فوق السلم، في حين تقوم الأخرى بتمييز غرفة الطعام عن غرف المعيشة…إنها الطبيعة ولكن في الداخل!!
وهكذا تُعتبر الأرضيات السلسة العنوان الأهم الذي يميز المشروع، فهنا لابد لنا من أن نذكر تلك المساحة الواحدة المميزة المؤلفة من عدة مناطق، حيث تقوم الجدران الزجاجية الشفافة وبعض العناصر القابلة للإزاحة والتحريك بتحديدها ورسم خطوطها بجمالية وإبداع لامتناهيين.
وباختصار، يمكنك أن تعيش في هذا المنزل حول الفناء، فهنا فقط يمكنك أن تتحرك عبر المساحات الطبيعية، وحول الفناء لتكتشف المنزل، وفي سبيل ذلك عليك أن تعيش فيه وتجرب ذلك الإحساس بالتعاقب والسلاسة المغرية، وخلال اليوم، فإن الفناء هو المساحة الرئيسية في المنزل التي تستقطب كميةً كبيرةً من الشمس والضوء بالإضافة إلى الزوار، أما في الليل، فيقوم هذا الفناء السحري مقام عنصرٍ مفردٍ يربط بصرياً الغرف المختلفة في الطوابق المتعددة.