المقدرة الأدائية للهياكل البيولوجية تدخل عالم العمارة

8

نتيجةٌ غريبة للغاية، هذا أقل ما يمكن أن يوصف به جناح الأبحاث في جامعة شتوتغارت الألمانية؛ فقد وُلد هذا التصميم على إثر تعاونٍ جرى بين معهد التصميم المحوسب ICD ومعهد كتل المباني والتصميم الإنشائي ITKE ومجموعةٍ من طلاب جامعة شتوتغارت في صيف عام 2011.

حيث يتحرى المشروع التحول المعماري للمبادئ البيولوجية المشكّلة لهيكل قنفذ البحر وحيوان الدولار الرملي بالاستعانة بطرائق التصميم والمحاكاة المحوسبة الحديثة إلى جانب طرائق التصنيع المحوسبة المساعدة في تطبيق المبنى.

فحسب زعم الباحثين، على أية عملية إبداعية أن تتضمن إمكانية توسيع المبادئ الآلية المعروفة بشكلٍ فعال جنباً إلى جنب مع الأداء المتعلق بها، لتكون النتيجة نطاقٌ معين من الهندسات المتنوعة وذلك طبعاً بوساطة العمليات المحوسبة، إذ وفقط باستخدام صفائح رقيقة من الخشب المعاكس (6.5 ملم) كان من الممكن التوصل لهذه الكتلة المقببة، التي تم ربطها بشدة للتأكد من انعدام إمكانية تأثّرها بالهواء أو الرياح القوية.

حيث تم ربط ألواح الخشب المعاكس مع بعضها البعض باستخدام مفصلات إصبعية، بنفس الطريقة التي ترتبط بها النتوءات الصغيرة الموجودة في هيكل قنفذ البحر.

•النظام البيولوجي:

يهدف المشروع إلى إدخال المقدرة الأدائية للهياكل البيولوجية إلى التصميم المعماري، إلى جانب كافة الأنظمة الإنشائية المادية والأنظمة الفراغية الناتجة عن هذا الاختبار، بناءً عليه تمحور تركيز البحث على تطوير نظامٍ نمطي يسمح بدرجةٍ عالية من التعديل، وتقديم مستوىً عالٍ من الأداء اعتماداً على الاختلافات الهندسية في عناصر الألواح وفي المفصلات الإصبعية الآلية المصنّعة.

وهكذا خلال عمليات تحليل الكتل البيولوجية المختلفة؛ مثل حيوان الدولار الرملي وأنواعٍ ثانوية من قنفذ البحر، أصبح تشكيل أقسام هياكل هذه الحيوانات اهتماماً محدداً، زود الباحثين بالمبادئ الأساسية للكتلة الآلية التي تم إنجازها في النهاية.

هنا تجدر بنا الإشارة إلى أن حيوان الدولار الرملي قد جسّد -بعد عمليات التحليل- النموذج الأنسب للتبني في المشروع، حيث تم تطبيق المفصلات الإصبعية للربط بين عناصر الجناح، الذي أصبح أشبه بنظيرٍ فني لنتوءات جسد حيوان الدولار الرملي.

•انتقال الشكل:

باتباع نتائج التحليل حرفياً، تم تحويل شكل الكتلة الصفيحية لحيوان الدولار الرملي إلى تصميمٍ مميز للجناح، حيث تلتقي الصفائح ثلاثية الحواف في نقطة واحدة أينما ظهرت، في محاولةٍ لترجمة الشكل البيولوجي إلى تصميم معماري.

وعلى عكس طرائق الإنشاء التقليدية خفيفة الوزن، التي يمكن تطبيقها فقط في الأشكال ذات الأحمال المثالية، يمكن تطبيق هذا المبدأ التصميمي على نطاقٍ واسعٍ من الهندسات الخاصة، فالمقدرات الهائلة التي توفرها كتلة بهذا الوزن الخفيف واضحة تماماً في حقيقة إمكانية بناء الجناح من صفائح رقيقة للغاية (6.5 ملم) من الخشب المعاكس فقط، وذلك نظراً إلى حجمه الكبير نسبياً، لكن هذا لا ينفي أبداً لجوء المصممين لاستخدام مثبتات خاصة بالأرض لمساعدة الكتلة على تحمل جهد الرياح.

فهل في هذه البادرة إشارة لاعتماد البشر على أنماطٍ إلهية للتوصل إلى عمارة مميزة؟ وهل نجح ذلك في توفير مساحات مريحة ومبهرة على أرض الواقع؟ أم أنها كانت مجرد محاولة متواضعة لاقتباس التصميم في عالمٍ ضاقت فيه احتمالات الإبداع؟

إقرأ ايضًا