نصبٌ تذكاري لجميع ضحايا الإيدز

4

تشير الإحصاءات الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة المشترك ومنظمة الصحة العالمية إلى أن عدد المصابين من البالغين والأطفال بفيروس نقص المناعة البشرية HIV أو الإيدز في عام 2004 قد تجاوز 5,000,000 شخص، ويقدر عدد الأشخاص المصابين بهذا المرض في العالم، بحلول نهاية هذا السنة بحوالي 39,400,000، في حين شهد العالم أكثر من 3,000,000 من الوفيات الناجمة عن الإيدز، على الرغم من توافر العلاج المضاد للفيروسات والذي ساهم بتراجع عدد الوفيات في البلدان مرتفعة الدخل.

متأثراً بهذه الأرقام الخطيرة، شرع فريق العمل المعماري في استوديو VeeV بتصميم نصب تذكاري لمرض الإيدز في مدريد انطلاقاً من إدراكهم لخطورة هذا الوباء، الذي يظهر وكأنه إنسان أوتوماتيكي؛ نجح بتنويمنا مغناطيسياً فبتنا غير قادرين على استيعاب تأثير هذا المرض الخطير على الجنس البشري.

لقد أراد فريق VeeV ترسيخ فكرةً هامة، لئلا يصبح المصابين والأموات مجرد أرقامٍ في إحصائياتنا العالمية، ونسيان الهدف الرئيسي من هذه الإحصائيات، ألا وهو زيادة الوعي الجماعي ووكز الضمير العالمي، إذ أكدوا على أهمية تخليد الأشخاص المصابين بمرض الإيدز أو الذين لقوا حتفهم بسبب هذا المرض الخطير، وإضفاء شيء من الإنسانية على هذه الأرقام من خلال هذا الصرح.

يعمل التصميم على ثلاثة مستويات مختلفة وهي؛ المستوى النقطي مثل الأسلاك الفردية والمتغيرات، والطيور الفردية أو صوت العد الفردي، ويليه المستوى المساحي مثل أصوات المشاركين ووقع الأقدام والحقل المعقد من الأسلاك، وأخيراً مستوى الوعي وبالتحديد الفكري والباطني والعاطفي.

إذ يكشف الصرح عن حقلٍ من الأسلاك المصنوعة من الرانتج الأحمر والأضواء الصادرة عن عنصر الفوسفور اللامعدني المتوهج في الظلام، في حين تم غمر قمم هذه الأسلاك بالماء المحلى لجذب الطيور الطنانة.

والجميل في الأمر أن الزائر يصادف لوحةً تجريديةً تخطّها الأسلاك بمجرد أن تطأ أقدامه الصرح، والتي تظهر فرديةً حيناً ومتعددةً حيناً آخر، إذ نلاحظ وجودها بأعداد كثيفة بينما تمّ تخريمها في السطح الطبولوجي القائم، أما وعندما تتقاطع فيما بينها، ينتج عن ذلك شيءٌ من الاضطراب والفوضى، يقوم بدوره بوكز العقل وإيقاظه من غفوته، وبالتالي الإشارة إلى أهمية الإدراك للوقاية من هذا المرض الخطير.

كما وتملأ آذان الزوار خلال مسيرهم في النصب التذكاري مختلف الأصوات من رفرفة أجنحة الطيور الطنانة إلى أصوات المتحدثين الخفية التي تعد من 0 وحتى 20,000,000؛ بمعدل عدٍ وسطي يتراوح بين 20 إلى 25 عدة في الدقيقة ليستلزم العد بذلك عامين للوصول حتى 20,000,000، بينما تم رصد كاميرة ويب لتسجيل العناصر البصرية والسمعية، على الرغم من أن غشاء العناصر السمعية من الموقع يقوم بخلق ضوضاء بيضاء شديدة ومبهمة، وبذلك يمكن للزوار على شبكة الإنترنت اختيار تشغيل أو إيقاف أي من الأصوات الثلاثة لتمييز وفهم كل عنصر صوتي على حدى.

أخيراً يمثل أمامنا النصب التذكاري وتمثل معه تجربةٌ مكانية غاية في التميز، استطاعت أن توقظ مشاعرنا كأفراد وتحثنا في الوقت نفسه على تركيز اهتمامنا على هذه القضية الخطيرة، وطبعاً لا تقتصر أهمية هذا الصرح على التجوال في المكان، إذ يمكن للمرء التبرع والمساعدة في دعم البحوث العلاجية من هذا الوباء الخطير عن طريق شراء حبل مضيء..من الأسلاك التي تزين الصرح.

إقرأ ايضًا