مشروع سكني بأفكار لم تخطر على بال

9

بدأت فكرة المعيشة في الطوابق العلوية والملاحق عام 1970 في أميركا كحلٍ للفنايين ومحترفي مهنٍ إبداعية أخرى في بحثهم عن أماكن سكنٍ مناسبة. ودوناً عن خلقهم الظروف الاقتصادية المناسبة والجوانب الجمالية المرغوبة، أصبحت هذه البيئات اليوم أكثر من ثقافة انفتاحٍ وطريقة حياة يرغب بها الكثير من السكان في الكثير من المدن، كما أنها تبقى نقطة إلهامٍ للعمارة المعاصرة. حيث تميل الأماكن المفتوحة للنمط الصناعي حيث لا تتم تجزأتها إلى أقسام لتشكل بذلك المكان الملائم للحياة والعمل معاً، فهي أماكنٌ عادةً ما تكون مرنةً ومفتوحةً أمام العامة.

وعادةً ما تتحول الأماكن المفتوحة إلى مستودعاتٍ ومخازن ومصانع وفيرة تملك جوانب جمالية صناعية متميزة. فالجدران يكسوها الطوب غير المجصص، حيث تبقى كل المرافق واضحةً ومكشوفة، والأرض مفروشةٌ بالإسمنت أو الحصى. فجوهر امتلاك ملحقٍ أو شقةٍ في الدور العلوي هو الانفتاح والمرونة وملائمة المكان للعمل والمعيشة. وتُناسب ظروفٌ كهذه الكثير من سكان المدن الكبرى. وتنقل هذه الظاهرة فكرة “المنزل” و”المسكن” نقلةً نوعية وتشير ضمناً إلى فكرة “العائلة”.

وهنا تولى كلاً من Melkan Gürsel و Murat Tabanlıoğlu من شركة Tabanlıoğlu Mimarlık مهمة تصميم مشروع Levent Loft السكني الجديد. ويقع المشروع في موقعٍ ضيقٍ على مساحة 3,870 متر مربع، وقد بدأ العمل في الموقع على أنه بناء مكاتب على محور Maslak-Levent الذي كان قد تطور في العقد الأخير كمركزٍ للتجارة في اسطنبول. ومع الحفاظ على الإطار الإسمنتي، تمت إعادة تصميمه بفكرة Levent Loft الجديدة كبناءٍ سكنيّ.

وكانت فكرة التصميم الجديدة لتبدو كل الشقق وكأنها في الدور العلوي، وذلك بأن يتم تشكيل مبنى المكاتب الخالي كقطار، أي ضيق وطويل، ومكون من ثلاث فسحات منفصلة، وهي مبنى من 12 طابق في الجهة الأمامية ومبنى من ثمانية طوابق في الخلف، بالإضافة لبناءٍ يربط بينهما يتكون من ثلاثة طوابق.

وقد فرض الشكل العام للمباني طريقة التصميم الداخلية، حيث تتراوح مساحة الشقق بين 68 متر مربع وحتى 182 متر مربع، حيث أن الشقق الأكبر تتمتع بكونها مضاعفة وتضم شرفةً أو حديقةً على السقف. كما يحدد تخطيطٌ كهذا نوعية الناس التي ستقطن في المكان، فمخطط الشقق الطولي الضيق قد لا يتلائم والتوسع الذي قد تحتاج إليه عائلة، ولكنه مثاليٌّ لمن يعيشون بمفردهم، أو لزوجين بلا أطفال.

وبإحصائيةٍ كهذه وضعت الشركة المصممة على نفسها عاتق إقناع العميل بأن البنية الإسمنتية الأصلية يجب أن تبقى مكشوفة ولا تغطى بسقفٍ معلق. وأكثر ما يُبرز جمال التصميم هو الأعمدة التي تضم أنابيب ظاهرة والنوافذ المتحركة التي تمتد من الأرضية وحتى السقف والأرضيات الخشبية.

وقد تم تزويد المبنى بالكثير من المخازن في الطابق السفلي عند القاعدة حيث يوجد مرآب السيارت أيضاً. وتلقى فكرة المبنى استحساناً في المجتمع إذ يمكن أن يحتوي الكثير من الشخصيات المتنوعة التي قد لا تجد في التصاميم التقليدية ما يُلائمها. ثم تعمل الواجهة على تعزيز هذا الاستحسان في المجتمع إذ تبدو كمجموعة صناديقٍ مرتبةٍ بعناية.

هذا وتسهّل انحناءات البناء وهندسته المتغيرة على الناظر تحديد وتمييز مساحته الخاصة بمجرد النظر من الخارج. حتى أن نظام تركيب الستائر على الواجهات وتنوع الألوان والأضواء في الداخل التي تنعكس إلى الخارج تبدو كسمةٍ جماليةٍ تزيد من حيوية المشروع وتجعله أكثر تنوعاً وتألقاً في محيطه.

وهنا يجدر بنا الذكر أن المبنى الذي يتكون من 144 شقة لم يتم تصميمه ليكون مبنىً سكنياً فحسب، بل كفسحةٍ إجتماعيةٍ رفيعة المستوى. وهنا نجد أن الشقق قد تبدو خاصة إذ تضم كل مرافقها بمنأى عن بقية الشقق، ولكنها ليست معزولة إلى هذه الدرجة.

إذ يبدأ المدخل الرئيسي للبناء عند الردهة التي صُممت لتكون مساحة الجلوس الرئيسية لكامل سكان المبنى الذي سيحظون بفرصة التعرف على جيرانهم. كما تضم الردهة الأمامية باراً ومطعماً، في حين تضم الردهة الخلفية مركز لياقةٍ بدنيةٍ وبركة سباحة وحمامات عامة.

وتعم المباني بيئةً ودودةً سهلة الاستخدام لما تضمه من مرافق خدمية كمرآب السيارات الكبير والتهوية والتدفئة المركزية والأمن وخدمات الصيانة ونظام “البيت الذكي”. كما يوفر المبنى كمجمع مزود بأحدث التقنيات والخدمات الاحترافية نمط حياةٍ سهلٍ يوفر الوقت لسكانه الذين يتميزون بنمط حياةٍ مليءٍ بالأعمال أجبرهم على خيار المعيشة لوحدهم.

كما تسبب نجاح مشروع Levent Loft الأول بحث القائمين على تكراره. لذا ستضم الخطة مشروع Loft II، وهو قيد البناء حالياً لصالح نفس العميل ونفس المستثمر ونفس فكرة التصميم.

وفي الختام نشير إلى أنه سيتم الآن بيع مصنعي الأدوية المتاخمين للمشروع أيضاً مما سيزيد الكثافة السكانية في هذا الجزء من المدينة، إذ يمكن الاستعاضة عنها بناطحات سحابٍ عالية توفر بيئةً سكنيةً ملائمة يعمها الهدوء والسكينة. وفي النهاية نجد أن مشروع Levent Loft هو إضافةٌ جديدةٌ في منتهى الرقي للمدينة، توفر نمط حياةٍ راقٍ ومنفتح في قلب اسطبول بدلاً من اللجوء للأرياف لتحقيق انفتاحٍ كهذا.

إقرأ ايضًا