ممر مشاة لا يمكن إكماله

7

هل من المعقول تصميم ممرٍ للمشاة لا يمكن إكماله؟ هل من المنطقي أن يسير المرء نصف المسافة ويعود أدراجه لوجود عائق مادي يمنعه عن إكماله مسيرته على الممر؟

بالنسبة للفنانين الألمانيين هايكه موتر وأورليش غينث، هو أمرٌ ممكنٌ بكل تأكيد.

إذ أنجز الاثنان ممر مشاةٍ يرتفع في الهواء تماماً على شاكلة قطار الموت الشهير في مدن الملاهي، إلا أن الفارق الوحيد هنا، أنه من المستحيل أن يتمكن أي فردٍ من إتمام مسيرته عليه.

ويحمل هذا الممر النحتي المرتفع بمقدار 21 متراً في سماء ديزبورغ في ألمانيا اسم “النمر والسلحفاة- جبل السحر”، حيث تملأ الأدراج سطح الكتلة الفولاذية، التي تتحلق بدورها حول نفسها كالأفعوانية.

حيث يمكن للزوار أن يتسلقوا المنحوتة انطلاقاً من نقطة تلاقيها مع الأرض، إلا أن التفافةً كاملةً متعامدةً مع الأرض تمنعهم من إكمال مشوارهم.

الجدير بالذكر هنا أنه وابتداءً من الثالث عشر من نوفمبر تم افتتاح المنحوتة لعامة الناس، ومنذ ذلك الحين تحولت الأفعوانية الفولاذية الرشيقة إلى معلمٍ واضحٍ في المنتزه المحلي.

حيث تبدو هذه التركيبة من بعد كمضمارٍ معدنيٍّ لماع يعطي انطباعاً بالسرعة والتسارع، ولكن من على مقربة، يمكن للمرء أن يكتشف وجود أدراجٍ داخل المضمار تتبع مسار الأفعوانية.

وهكذا يمكن للزوار تسلق هذا العمل الفني بالأقدام، وهناك سوف يحظون بإطلالةٍ مذهلة على المناظر الطبيعية الخلابة التي تشتهر بها المنطقة.

أما عن التسمية “النمر والسلحفاة”، فتشير إلى وضع التغيير في الإقليم، وتوَجهه نحو استعادة الطبيعة وإعادة الهيكلة، ففي الوقت الذي تكشف فيه المنحوتة عن التفافةٍ غير معقولة تشير إلى الصورة المتوارثة عن الأفعوانية، نجدها تعكس دورها الخاص كمعلمٍ إقليمي سيُحفظ دون أدنى شك في عقول الناس.

يمكننا القول أن هذه المنحوتة، وحسب زعم مصمميها، تناقض منطق النماء الدائم عن طريق شكلها غير المعقول، الذي يرفض أي فهمٍ محدد.

وتبلغ أبعاد قاعدة الممر 44×37 متراً، بينما يبلغ ارتفاعها كما أشرنا آنفاً 21 متراً، مما يجعلها أكبر منحوتة في ألمانيا، وواحدة من أعظم التحف الهندسية أيضاً، خاصةً بأدراجها التي تم تطويرها بالتعاون مع آرنولد فالتز، والتي تملأ بكل أناقة كافة مساحات الشكل ثلاثي الأبعاد منذرةً بتحدٍّ لا يمكن إكماله!

في النهاية نشير إلى أن كلاً من هايكه موتر وأورليش غينث يعملان بشكلٍ دائمٍ على ابتكار مشاريع فنية خاصة بالمساحات العامة والمعارض منذ ثمانية أعوام، حيث تتميز أعمالهم بكونها مصممة خصيصاً لمواقع وسياقات محددة، تعكس من خلالها ظروف العامة.

بالمناسبة، ربما نسمع في يومٍ من الأيام بأن أحداً قد تمكّن من إكمال التحدي، فالعالم مليءٌ بمحبي المغامرات ممن لن تصعب عليهم فكرة استخدام حبال الأمان والقبضات المغناطيسية التي ستقاوم فعل الجاذبية!

إقرأ ايضًا