عمارة تسعى أن يكون ربحها الإنسان

6

لم يعد اليوم حلماً لأهالي سنغافورة التمتع بخضرة حديقة خلف منازلهم أو على شرفاتها؛ فبفضل مشروع “باي ساوث” أصبحت جنان الأرض تحت طلبهم.

حيث يُشكّل مشروع “باي ساوث” Bay South)), الواقع عند منطقة الحدائق بمحاذاة الخليج, حديقةً بمساحة 54 هيكتار في قلب توسع المارينا الجنوبي الخاص بمركز مدينة سنغافورة.

وقد تم تصميم المشروع بحيث يعزز هوية سنغافورة العالمية كـ”مدينة في حديقة”, في حين يخلق حديقة عامة جديدة للسنغافوريين ويؤمن عرضاً لأفضل ال horticulture الاستوائية, وفن الحدائق, والتصميم البيئي المتداخل معها.

تم إنشاء مشروع “باي ساوث” حول نطاقٍ واسع من الحدائق المشغولة بحيث تستكشف الموضوعين التوأمين: “بماذا تنفعنا النباتات” و”بماذا تنفع النباتات الكوكب”.

كما يخلق المشروع جو حديقة الغامض احتفالاً بغنى النباتات الاستوائية, وبما تقدمه من سرورٍ بصري من العالم الطبيعي.

وبنفس الوقت يشكل نصوصاً تعليمية حية تتعلق بالتاريخ الثقافي والتقنيات البيئية والعمليات الطبيعية.

كما يشكل المستنبتان الزجاجيان المبردّان ظروفاً بيئية لعرض نطاقٍ موسع من النباتات الاستوائية الفرعية, كما يؤمنان مصدراً تعليمياً ومسرحاً متعدد الأغراض لمختلف الأحداث والوظائف.

إضافةً لذلك تحتفل “قبة الورود” (Flower Dome) بالنباتات الخاصة بالمناخ في منطقة البحر المتوسط, وتؤمن “غابة الغيمة” ((Cloud Forest بيئةً لنباتات ال montaneالاستوائية التي تنبت في مناطق الضغط العالي والجو البارد.

وتخلق ثمانية عشر هيكلية بهيئة أشجارٍ ضخمة سلسلةً من الحدائق الساحرة الشاقولية والمتنوعة البيئات حيث تتراوح ارتفاعاتها بين 25 إلى 50 متراً.

كما تشكل هذه المنشآت محركاتٍ بيئية للمستنبتات, وتساعد في خلق أيكةٍ مظللة على مستوى الأرض, وتحقق معلماً أيقونياً للحدائق بشكلٍ عام.

تم إطلاق المشروع في مسابقة تصميم عالمية في عام 2006 وتم افتتاحه لعامة في سنغافورة في حزيران 2012.

وهكذا جذب المشروع مليون زائرٍ في الأسابيع السبعة الأولى للافتتاح, كما جذب اهتمام وسائل الإعلام حول العالم.

وقد كان رد الفعل العام من المحطات التلفزيونية والصحف والمجلات ووسائل الاتصال الاجتماعي والاستفتاءات الشخصية إيجابياً تقريباً حول كلّ العالم.

فالمشروع يمثل تماماً مشروع سياحة أيقوني عالمي كما أنه بنفس الوقت يجذب ويؤمن مصدر دخل للسكان المحليين.

ومن وجهة نظر الزبون فقد عزز المشروع سمعة مجلس الحدائق الوطنية وحكومة سنغافورة كمبدعين في تخطيط مدينة معاصرة مستدامة وشديدة الكثافة في آنٍ معاً.

حيث يمثل المشروع قدوةً للعالم من خلال تأمينه لنماذج عالية المستوى في مجال التقنيات البيئية المبتكرة, على سبيل المثال؛ النبات الBiomass الطاقة, والمصففات الكهرضوئية, واستخدام المجففات السائلة في أنظمة التبريد, الإدارة المائية المدمجة, وخلق المواطن الطبيعية.

وقد تم الاعتراف عالمياً به كمشروع رائد يجسد التصميم والإدارة المدمجة للبيئة الخضراء والزرقاء ضمن المدن الحديثة.

ولكن لن تتم رؤية كامل الفوائد الاجتماعية والاقتصادية للمشروع إلا بعد أن يتم إتمام الجزء التطويري البنائي المحيط, ولكن يمكن من الآن رؤية أنه قد تم رفع القيم الشرائية المباشرة للأراضي وأصبح الموقع يشكّل لأهالي سنغافورة أصولاً شرائية قيّمة للغاية.

فهو أصبح وجهةً رئيسية في الليل, ومسرحاً أساسياً للأحداث المقامة خارجاً, ووجهةً لمحبي الطعام والشراب في الخارج, ومكاناً محبباً ومناسباً من أجل المشي وممارسة الرياضة ضمن حدائق خلابة.

على أمل أن تتحلى يوماً ما مدننا العربية بهكذا عمارة تسعى لأن يكون ربحها هو الإنسان والكوكب الذي نعيش عليه جميعنا.

إقرأ ايضًا