استخراج البرية؛ حوارٌ عمرانيٌّ سريّ

14

إن التوتر القائم بين البرية الطبيعية والبيئة المبنية هو ما يتحرّاه ويستكشفه المعماري جيف كامودا خريج جامعة سيراكيوز عبر مشروعه “استخراج البرية: [إعادة] توجيه المسار عبر سنترال بارك”.

فمع نهوض الحضارة الحديثة يمكن ملاحظة تلك العقيدة المتقلبة بين البشر والطبيعة في صورة المنتزه العمراني.

إذ يأخذ المشروع موقعه في حديقة سنترال بارك الشهيرة في مدينة نيويورك، ليقدم مجموعةً من الظواهر الطبيعية عبر مقاربةٍ فريدةٍ وغريبةٍ، تشكّل حافزاً لإجراء حوارٍ بين الأفراد والحديقة والمدينة والكون برمّته.

إذ يمتد المشروع بأقسامه الثلاثة بطول ميلٍ كامل عبر حديقة سنترال بارك وصولاً للمتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي، وهذا ما يحوّله بشكلٍ مبهر إلى تجربةٍ سريةٍ وعمارةٍ رفيعة في الوقت ذاته.

فهنا تخدم “البوابة” السرية كأداةٍ ضخمة وأرشيفٍ تاريخي، حيث تم تصوّرها كمستودعٍ من اللحظات في نيويورك يتوسع ويتزايد بشكلٍ مستمر، حيث تعرض الجدران الحجرية المكشوفة نقوشاً تحكي تاريخ المدينة.

أما عن تلك الكرة المقطعة والمعلقة أعلى الفراغ فتخدم كأداةٍ لتوجيه الزوار وفقاً لنجم القطب، وهذا ما ينشئ رابطاً ميتافيزيقياً بين البشر والكون.

ولا تنتهي الرحلة هنا طبعاً، فقد بدأنا للتو؛ فبعد ذلك يكمل الشق العميق وسط المنتزه حامل اسم “الوادي” التجربة السرية للبوابة، حيث تكشف رحلة النزول عبر التلة عن التشكيل والتكوين الجيولوجي الفريد للجزيرة، معززة بالتزامن مع ذلك تجربة اختبار الشلالات، ودامجةً بذلك البيئة المبنية مع البيئة الطبيعية بمنتهى الروعة.

بالنسبة لمساحات العرض فتمتد هذه ابتداءً من الكتلة الرئيسة وتربط المركز التجاري القريب بالمروج الخضراء.

ومع استمرار الهبوط للأسفل يخبئ جدار الألواح الشفافة المليء بملايين الذكريات، الذكريات الشخصية والبيانات الوراثية للزوار الذين اختبروا المساحة، وهذا ما يحوّله -أي الجدار- إلى هجينٍ نَسبي.

تبقى الآن حصة الأبراج في المشروع، حيث يتضمن خمسة مجموعاتٍ مؤلفة من أبراج توأمية في الجزء الشمالي من الموقع بمحاذاة شبكة المدينة، تتمثل مهمتها في إقامة فعالية “مانهاتنهينج” أربعة مرات سنوياً.

حيث ستُضخ الحياة في هذا الحدث -الجديد كلياً على المدينة- عندما تحاذي أشعة الشمس شبكة المدينة مسلّطةً حزمها الضوئية على الشوارع المارة عبر أبراج المراقبة التوأمية الضخمة، وذلك بفضل تصميم ارتفاعات الأبراج بطريقة تستفيد بأقصى شكلٍ ممكن من مسار المشروع وتوجهه الشمالي.

إقرأ ايضًا