رصد التغيُّر الكوري في معرض البندقية

10

يعتبر الجناح الكوري في معرض العمارة العالمي الذي يقام في البندقية لهذا العام توثيقاً للتغيير الحاصل في مدينة سيئول الكبرى. والمميز في هذا الجناح أنه مؤلف من عدة تركيبات من تصميم مصممين مختلفين تحمل أسماء عديدة وتهدف إلى إيصال رسائل معينة من ورائها، سنتطرأ هنا إلى كل منها بالتفصيل. بينما يحمل الجناح الرئيسي اسم “استبدال” بهدف عرض وتوضيح سجل التحوُّل في المدينة التاريخية الذي جاء نتيجةً للنمو السكاني والاقتصادي السريع بعد الحرب الكورية.

ومن أجل تقصي الموضوع الأوسع، يسلط الجناح الضوء على مجموعةٍ متنوعةٍ من العناصر المصغرة مثل استبدال البيئات السكنية والمساحات العامة، بالإضافة إلى حالات توسيع وهدم وإدخال البنى العمرانية إلى جانب الحيوية المدعَّمة باستمرار للمدينة.

التركيب الأكبر ضمن الجناح نفسه هو “hanok” من تصميم cho, jung goo، حيث يرمز “hanok” إلى المسكن الخشبي التقليدي في كوريا، وهو نموذجٌ للعمارة التي ماتزال جزءاً حيوياً في سيئول. وببنائه من أجزاء متعددة من المنازل الخشبية التي كانت تتعرض للهدم في سيئول، تم إحضار هذه الأجزاء إلى البندقية ودمجها في المبنى الموجود. فأصبح الناظرون مدعوون لدخول تركيب “hanok” واختبار تشكيل المساحات الداخلية والفناء وكيفية تواصلها مع كلّ من باقي مساحة المعرض ومدينة البندقية نفسها.

يحمل التركيب الثاني اسم “الأشكال الحية” من تصميم cho, jung goo وهو عبارة عن بحث طويل الأمد يعتمد على تحريات المجال العمراني، ومن خلال عدد كبير من النماذج والرسومات، يهدف المشروع إلى التركيز على تاريخ التغيُّر الطويل المحدد في مظهر الوسطاء المتنوعين الذي يعيشون بين البيئة العمرانية والعمارة. حيث يُظهِر النموذج المعروض الأزقة والمساكن والطبقات المتعددة للظاهرة التي تجمعت على مر الأيام الماضية وحتى اليوم، مما يقدم هويةً واضحةً لمدينة سيئول.

وفي مساحةٍ مجاورةٍ منفصلةٍ عن قاعة المعرض الرئيسية، توجد تركيبة “المدينة المكمّلة للحياة المتباينة” من تصميم hah, tesoc. وبإنارتها بضوءٍ أخضر قاتم، تتميز الغرفة بعددٍ من الهواتف الذكية المتدلية من السقف وسلسلة من الإسقاطات على الجدران. وبالتركيز على الناس وقدرتهم على أن يصبحوا وسطاء في تحوُّل المدينة، يدعو المشروع إلى مشاركة الزوار ليصبحوا عضواً فاعلاً من المدينة المتجانسة. وبينما يدخل الناس بياناتهم إلى التطبيق القابل للتحميل باستخدام الهواتف الذكية المقدَّمة لهم، سيتم إظهار عملية توليد زمنية حقيقية على الجدران، مما ييتح رؤية كيفية تغيُّر المدينة لتتناسب مع أسلوب حياة كل شخص.

بالنسبة إلى تركيب “مدينة الشقق في سيئول” من تصميم lee, chung kee فهو يأخذ نظرة على النسيج العمراني الحالي للمدينة، المُسَيطر عليه بالغالب من قبل خطوط المباني السكنية. أما الجبال التي هي المساحة الطبيعية التقليدية في سيئول، فيتم اكتساحها من قبل هذه المباني الشاهقة، التي استبدلت أخيراً أسلوب الحياة التقليدية بالأسلوب العمراني. كما يتبع المشروع كلاً من الجوانب الإيجابية والسلبية من مدينة الشقق.

ومع الأخذ بعين الاعتبار الحاجة إلى إيجاد عملية وطريقة جديدة عندما يتعلق الأمر باستبدال “المدينة المحصَّنة” المتحضرة، يعتبر مشروع “استبدال المشهد العام” من تصميم shin, seung soo اقتراحاً يطور المساحة المحدودة فيما وراء الحدود الفراغية من أجل تضخيم حجم السطح البيني الفردي. ومن خلال خلق مساحة عامة عمرانية كامتداد لنشاطات الناس، يصبح تعميم المساحات بمثابة عملية “وضع شيء بين أشياء آخر” حيث يتم تقوية تجارب المستخدمين ودمجها في مشاهد طبيعية متنوعة.

أما بالنسبة إلى مشروع “المدينة الحيوية” من تصميم lee, sang koo فهو يلقي نظرة قريبة على زقاقات سيئول وصيغها الخصوصية. ولأنها غير ثابتة في العرض والحجم، أصبحت هذه الأزقة بمثابة محدد مادي لمراحل تطور المدينة التدريجي. وعلى عكس البناء الحالي لشوارع المدينة الحديثة، تتطور الأزقة في جزءٍ واحد في كل مرةٍ على حدى لكي تلائم حاجات الناس. ومن خلال دراسة خاصيات الأزقة، يمكن تتبع نماذج حياة سكان سيئول وتعريفها كـَ “شكل من أشكال المعيشة” يؤثر على ويحدد ويشكل الكتلة العمرانية.

من الجميل جداً أن يتمكن جناحٌ واحد من رصد وتمثيل حالة مدينة كاملة، وخصوصاً إذا كانت هذه المدينة كبيرةً جداً مثل سيئول.

إقرأ ايضًا