أكواخٌ صيفيةٌ عائمةٌ في الجُزُر الفنلنديَّة

15

من الطبيعي جداً أن يخطر ببال أحدهم يوماً ما أن يذهب برحلةٍ قصيرةٍ على متن مركبٍ جميلٍ في البحر، إلا أنه من غير المعقول -عند الأغلبية على الأقل- أن يقضي المرء حياته كلها بما فيها من نشاطات اجتماعية وتجارية في عرض البحر.

ولكن هذا ما يحاول المعماري الأسترالي دانيال أندرسون Daniel Andersson القيام به من خلال تصميم مشروعٍ رائعٍ في البحر اسمه “Icebergs”. فبما أن الرأس الجليدي يُظهِر طرفه المستدق فقط فوق سطح الماء بينما تبقى باقي كتلته مختبئةً تحت الماء، جاءت هذه الأكواخ الصيفية العائمة في الخلجان والبحيرات المحمية حول جزر Åland في فنلندا لتحقق هذا المفهوم بالذات.

ففي هذه الأكواخ الهادئة يحاول الجزء الخارجي المصغَّر منها أن لا يقتحم المحيط البري، وإنما ينسجم معه بطريقةٍ لطيفة. حيث تنغمس هذه الكتلة جزئياً في الماء، لتقدم قمة سقفها أسطحاً ملساء مريحة يمكن الاسترخاء عليها والتفرج على المشهد الطبيعي الخلاب. أما النوافذ الكبيرة فهي مصممة بحيث تعطي إحساساً فسيحاً للغرف الداخلية ومناظر المشهد الطبيعي الشامل المحيط.

من الجدير ذكره هنا أن هذا المشروع مايزال في مرحلة التصوّر، ولم يتم تنفيذه على أرض الواقع بعد. أما عن مصدر هذه الفكرة المبتكرة فهو انتشار الأكواخ القروية المريحة ذات الطراز العائد إلى القرن الاستعماري التاسع عشر في جزر Åland. فقد استدعى هذه الأمر فندق ومطعم جزر Ålands –وهو متعهد المشروع- إلى طلب ابتكار فكرةٍ جديدةٍ لجذب المزيد من السياح أثناء أشهر الصيف.

وهكذا جاء رد المصمم بهذا الابتكار الفريد من نوعه الذي تم تنظيم الوظائف فيه بشكلٍ لولبيٍّ مرتفعٍ من النقطة السفلية وغرفة المعيشة إلى أعلى المدخل ثم إلى السقف الذي يخدم كمنصةٍ للاستلقاء تحت أشعة الشمس. أما عن شكل الكوخ فيعمل كبَدَن سفينةٍ يدفع الماء بعيداً لإبقاء الكتلة طافيةً على سطح الماء. مع الإشارة إلى أنه تم كذلك وضع بعض الجسور العائمة الثانوية الإضافية تحت هيكل الكوخ لتعمل كأجهزةٍ لحفظ توازنه.

من ناحيةٍ أخرى، تم تنظيم جميع الوظائف حول الردهة المركزية التي تحتوي على السلم أيضاً. هذه الردهة التي تقدم الضوء في الوقت الذي تعمل فيه النوافذ الواقعة تحت الماء على تقديم المناظر الجميلة.

وبما أنها واقعة في وسط البحر، فإن للترفيه والنشاطات الرياضية نصيبٌ فيها أيضاً. إذ يوجد حمامٌ بخاريٌّ في الحمّام مع طريقٍ سهلٍ للخروج منه إلى أعلى السلالم والقفز في المياه.

ولضمان أقصى الظروف الأمنية، تتثبت الأكواخ إلى قاع البحر في مناطق هادئة الموج تبعاً لحساسيتها وقابلية تعرضها للأمواج العالية. كما يتم توصيل الكهرباء والماء عبر أسلاكٍ وأنابيب موضوعة تحت الماء إلى محطةٍ مركزيةٍ على اليابسة. هذا بالإضافة إلى تركيب مضخات احتياطية في جوف الكتلة العائمة وتحت السلم مباشرةً بهدف إزالة كل المياه التي يمكن أن تتسرب من الكوخ.

بالنسبة إلى مساحة خطة الأرضية فهي تبلغ 60 متراً مربعاً مع حدٍّ واضحٍ بين المساحات العامة والخاصة.

لا تظنوا أنكم ستفتقدون أيّ شيءٍ في مثل هذه الأكواخ، هذا لأنها تحتوي على جميع المرافق التي يمكن إيجادها في أي منزلٍ آخر على اليابسة. الفرق الوحيد أنكم ستشعرون بأنكم تمضون حياتكم في مركبٍ ينطلق في رحلةٍ أبديةٍ بين الأمواج.

إقرأ ايضًا