ما وراء اللانهاية

13

مربك… موتر للأعصاب… ويدعو للدوار؛ هذا ما قد يصف به البعض جناح هذا المعرض المتنقل في الصين بتوقيع المصمم الفرنسي Serge Salat؛ لكن كثيرون هم من يرونه إبداعي… رقمي… ومنتزع من عالم الأحلام والخيال العلمي.

حيث ارتأى Salat تنفيذ متاهةً من الأشكال والألوان تمكّن زوار معرض “ما وراء اللانهاية” من المرور عبر سلسلةٍ من الغرف المغلقة التي تم إكساء كلٍّ منها بمرايا مضاءة بمجموعةٍ من الأضواء المشرقة. إذ تنعكس على هذه المرايا وفي هذه الأضواء شبكات خشبية ثلاثية الأبعاد نراها تتكرر على أسقف المساحات وفي كلٍّ مكان، في الوقت الذي تطوق فيه ألواحٌ مثقبة من الألومنيوم المؤكسد بعضاً من تلك الهياكل الخشبية خالقةً قرصاً من الصناديق يتوهج بإضاءة فوق بنفسجية.

ويحكى أن تركيبة Salat المعمارية متعددة التأثيرات هذه تعكس رؤى كونية جديدة مذهلة لكافة زوار المعرض، حيث سيجوب هذا العمل الفني عشرة مدنٍ صينية؛ بما في ذلك شنغهاي وبكين، وذلك ابتداءً من أيلول وحتى تشرين الثاني من عام 2011 وتحت رعاية شركة جينرال موتورز الشهيرة.

*مصدر الوحي:

قد بنى المصمم منذ عام 1988 مساحات فنية ذات تأثيرات حسية متعددة تجمع الواقع الافتراضي بالفن الانكساري، وقد تجسدت تلك التراكيب الديكورية في غرفٍ كاملة وأكوانٍ خاصةٍ مغلقة، يمكن للزوار اختراقها والمشاركة داخلها في رحلةٍ روحية عبر محفزاتها المادية والعاطفية.

ولكن تصميم Salat اليوم يتميز بدمجه للفلسفة الصينية الشرقية والرؤى الكونية من جهة مع التقنيات المعاصرة المتطورة من جهةٍ أخرى؛ وقد استوحى فكرته هذه من عمق الفلسفة الطاوية الصينية والنهضة الغربية والأفلاطونية الجديدة وأخيراً من أكثر الأفكار تطوراً في القرن العشرين حول البعد الرابع، لذا نجد أن تركيبة “ما وراء اللانهاية” هذه تجمع في مكانٍ واحد الفن الالكتروني والموسيقى والنحت وأخيراً وليس آخراً العمارة.

حيث يذهب التلاعب بالمساحة والوقت ما وراء الطرائق التقليدية، وذلك بفضل الاستخدام المبهر لمبادئ الهندسة التكعيبية للبعد الرابع، لتكون النتيجة عبارة عن مواجهة ما بين الجمهور وعالم الميديا ضمن نموذجٍ دائم التغير.

الرحلة؛ في ما وراء اللانهاية:

تتطور الرحلة عبر المساحة الفنية كلما توغلنا داخل طبقات الأحلام اللانهائية الموجودة، والتي يتقدم من خلالها الزائر في طبقات معكوسة هنا وهناك، حيث يستخدم مخطط هذه القطعة الفنية التقنيات الفراغية لحدائق مدينة سوجو الصينية بهدف خلق رحلة روحية بنسخةٍ مجردة عن عالم الساحات الصينية مرتبطٍ مع بعضه البعض عبر صالات عرض لانهائية.

وتأتي فكرة التحول المستمر والتغير الدائم كأفكارٍ أساسية في هذا العمل؛ إذ تمثّل مناظر الأجسام فيه وجهي ين/يانغ للمفهوم نفسه، ولكن بأشكالٍ وألوانٍ معكوسة، فالنمط الأساسي هو نموذج ين/يانغ مؤطر بثلاثة أبعاد تنظم المساحة برمّتها.

وهنا يعلّق المصمم عن عمله قائلاً “إن الدخول لهذا العمل هو دخول لعالمٍ يدور حول حلمٍ بالقصر الأحمر ولكن في القرن الواحد والعشرين.”

وهكذا تؤسس تركيبة “ما وراء اللانهاية” لمواجهةٍ بين الإبداع وعالم بين كافة متغيراته، فهي تجمع الماضي والمستقبل وتخلق حواراً بين العوالم الحقيقية والافتراضية، وربما في ذلك رسالة عن الأمل؛ فحواها هو إمكانية خلق جمالٍ وحلمٍ جديدين في عالم معاصر عبر مزج الثقافة الكلاسيكية والإبداع والابتكار.

في الختام نشير إلى أن معرض “ما وراء اللانهاية” المتنقل قد بدأ جولته من مدينة شنغهاي، وسيتنقل عبر عشرة مدن، يبقى في كلٍّ منها لمدة ثلاثة أيام.

إقرأ ايضًا